للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: الذي خلقكم: الخلق: إبداع شيء لم يسبق إليه، وكل شيء خلقه الله فهو مبتدئه أولا على غير مثال سبق إليه.

ومعنى الآية: أن الله تعالى احتج على العرب بأنه خلقهم وخالق من قبلهم لأنهم كانوا مقرين بذلك، لقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: ٨٧] ، فقيل لهم: إذ كنتم معترفين بأن الله خالقكم فاعبدوه، فإن عبادة الخالق أولى من عبادة المخلوقين من الأصنام.

وقوله: لعلكم تتقون: قال ابن الأنباري: لعل: يكون ترجيا ويكون بمعنى كي.

وقال سيبويه: لعل: كلمة ترجية وتطميع، أي: كونوا على رجاء وطمع أن تتقوا بعبادتكم عقوبة الله أن تحل بكم، كما قال فِي قصة فرعون: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٤] كأنه قال: اذهبا أنتما على رجائكما وطمعكما، والله تعالى من وراء ذلك وعالم بما يئول إليه أمره.

قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا} [البقرة: ٢٢] : الأرض التي عليها الناس هي فراش الأنام، على معنى أنها فرشت لهم، أي: بسطت لهم، وهذا كقوله: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا} [نوح: ١٩] ، والمعنى: أنه لم يجعلها حزنة غليظة لا يمكن الاستقرار عليها.

{وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [البقرة: ٢٢] يعني المطر، والمعنى: من نحو السماء، فحذف المضاف وإن جعلت السماء بمعنى السحاب لم يحتج إلى تقدير المضاف.

وقوله: {فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ} [البقرة: ٢٢] : الثمرات: جمع ثمرة وهي حمل الشجرة فِي الأصل، ثم صارت اسما لكل ما ينتفع به مما هو زيادة على أصل المال، يقال: ثمر الله ماله، وعقل مثمر إذا كان يهدي صاحبه إلى رشد.

والثمرة: تستعمل فيما ينتفع به ويستمتع مما هو فرع الأصل.

قال المفسرون: أراد بالثمرات: جميع ما ينتفع به مما يخرج من الأرض.

وقوله تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: ٢٢] : يقال: فلان ند فلان.

أي: شبهه ومثاله، قال حسان:

<<  <  ج: ص:  >  >>