قال ابن عباس: يقول: ما أدركت من هذا كله وفيه روح فأذبحه فهو حلال، وإدراك حياته أن توجد له عين تطرف، أو ذنب يتحرك، فأكله جائز إذا ذكي.
وقوله:{وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ}[المائدة: ٣] قال ابن عباس: يريد: الأصنام التي تنصب وتعبد من دون الله.
وقال الفراء: النصب: الآلهة التي تعبد من أحجار.
قال الزجاج: النصب حجارة كانت لهم يعبدونها وهي الأوثان.
وتقدير الآية على هذا القول: وما ذبح على اسم النصب.
وقال مجاهد، وقتادة، وابن جريج: كانت حول البيت أحجار كان أهل الجاهلية يذبحون عليها، وكانوا يعظمون هذه الحجارة ويعبدونها.
وقوله:{وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ}[المائدة: ٣] أي: تطلبوا علم ما قسم لكم من الخير والشر بالأزلام، قال المفسرون: كان أهل الجاهلية إذا أراد أحدهم سفرا، أو غزوا، أو تجارة، أو غير ذلك طلب من الأزلام، وهي قداح كانت في الكعبة عند سدنة البيت مكتوب على بعضها: أمرني ربي، وعلى بعضها: نهاني ربي، فإن خرج السهم الآمر مضى لحاجته، وإن خرج السهم الناهي لم يمض، وواحد الأزلام: زُلَم وزلَم.
قال الزجاج: أخبر الله تعالى أن الاستقسام بالأزلام حرام، ولا فرق بين ذلك وبين قول النجمين: لا تخرج من أجل نجم كذا، واخرج من أجل طلوع نجم كذا، لأن الله تعالى يقول:{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا}[لقمان: ٣٤] وذلك دخول في علم الله الذي هو غيب، فهو حرام كالأزلام التي ذكرها الله تعالى.
وقد روى أبو الدرداء، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:«من تكهن أو استقسم، أو تطير ترده عن سفره لم ينظر إلى الدرجات العلى من الجنة يوم القيامة» .