كَانُوا عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَوَقَعَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ حَتَّى قَامَ كُلُّ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَلَا أَقُومُ إِلَيْهِمَا فَآمُرَهُمَا بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَاهُمَا عَنِ الْمُنْكَرِ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَيْكَ نَفْسَكَ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: ١٠٥] فَسَمِعَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ: مَهْ، لَمْ يَجِئْ تَأْوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ بَعْدُ، إِنَّ الْقُرْآنَ حِينَ نَزَلَ كَانَ مِنْهُ آيٌّ مُضِيَ تَأْوِيلُهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ، وَمِنْهُ آيٌّ وَقَعَ تَأْوِيلُهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْهُ آيٌّ وَقَعَ تَأْوِيلُهَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِنِينَ، وَمِنْهُ آيٌّ يَقَعُ تَأْوِيلُهَا عِنْدَ السَّاعَةِ مَا ذُكِرَ مِنْ أَمْرِ السَّاعَةِ، وَمِنْهُ آيٌّ يَقَعُ تَأْوِيلُهَا عِنْدَ الْحِسَابِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْحِسَابِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَمَا دَامَتْ قُلُوبُكُمْ وَاحِدَةً، وَلَمْ تُلْبَسُوا شِيَعًا، وَلَمْ يَذُقْ بَعْضُكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ فَمُرُوا وَانْهَوْا، فَإِذَا اخْتَلَفَتِ الْقُلُوبُ وَالأَهْوَاءُ وَأُلْبِسْتُمْ شِيَعًا وَذَاقَ بَعْضُكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ فَامْرِؤٌ وَنَفْسَهُ
ويدل على صحة ما ذهب إليه ابن مسعود في تأويل هذه الآية ما
٣١٩ - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا عُقْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، حَدَّثِني عَمْرُو بْنُ جَارِيَةَ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ: أَتَيْنَا أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ، فَقُلْنَا: كَيْفَ نَصْنَعُ بِهَذِهِ الآيَةِ؟ قَالَ: أَيَّةُ آيَةٍ؟ فَقُلْتُ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: ١٠٥] فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتُ عَنْهَا خَبِيرًا، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute