للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تصير إلينا ونكرمك.

المعنى: ليت مصيرك يقع وإكرامنا، والمعنى: ليت ردنا وقع وأن لا نكذب ونكون من المؤمنين.

قوله: {بَلْ بَدَا لَهُمْ} [الأنعام: ٢٨] بل ههنا: رد لكلامهم، يقول الله تعالى: ليس على ما قالوا من أنهم لو ردوا لآمنوا، بل بدا لهم {مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ} [الأنعام: ٢٨] فلذلك اعتذروا وتمنوا الرد، وذلك أن المشركين كانوا يجحدون الشرك في بعض المواقف كما أخبر عنهم بقوله: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٢٣] فينطق الله جوارحهم فتشهد عليهم بالكفر، فذلك حين بدا لهم، أي: ظهر لهم ما كانوا يخفون: يكتمون ويسترون من الشرك، ولو ردوا: إلى الدنيا {لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: ٢٨] قال ابن عباس: إلى ما نهوا عنه من الشرك.

وإنهم لكاذبون في قولهم: {وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام: ٢٧] {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ {٢٩} وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ {٣٠} } [الأنعام: ٢٩-٣٠] وقالوا يعني: منكري البعث {إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} [الأنعام: ٢٩] ما الحياة إلا هذه الحياة التي نحن فيها ولا حياة بعدها، وهو قوله: {وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} [الأنعام: ٢٩] .

قوله: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ} [الأنعام: ٣٠] أي: على مسألة ربهم وتوبيخه إياهم بكفرهم، وهو قوله: {قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ} [الأنعام: ٣٠] يقول الله لهم: أليس هذا البعث حقا؟ فيقرون حين لا ينفعهم ذلك، ويقولون: بلى وربنا، فيقول الله تعالى: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [الأنعام: ٣٠] أي: بكفركم بالبعث.

{قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ {٣١} وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ {٣٢} } [الأنعام: ٣١-٣٢] قوله: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ} [الأنعام: ٣١] إنما وصفوا بالخسران لأنهم باعوا الإيمان بالكفر، فعظم خسرانهم في ذلك البيع.

ومعنى بلقاء الله: بالبعث والثواب والعقاب والمصير إلى الله.

قوله: {حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً} [الأنعام: ٣١] يعني: الوقت الذي تقوم فيه القيامة، والبغتة: الفجأة، يعني:

<<  <  ج: ص:  >  >>