{فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}[الأنعام: ١٤٩] وهذا يدل على أنه ما شاء إيمان الكافر ولو شاء لهداه.
أخبرنا الأستاذ أبو منصور البغدادي، أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر، أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا إبراهيم بن الحجاج، حدثنا جويرية بن أسماء، قال: سمعت علي بن زيد تلا هذه الآية: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}[الأنعام: ١٤٩] ، فنادى بأعلى صوته: انقطع والله ههنا كلام القدرية.
قوله:{قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ}[الأنعام: ١٥٠] الآية، هلم: كلمة دعوة إلى شيء، تقول: هلم يا رجل، وكذلك للاثنين والجمع والمؤنث موحد، وهذه الكلمة تستعمل تارة بمعنى دعاء المخاطب كقولك: هلم إلي.
أي: ادن مني وتعال، وتارة تستعمل بمعنى التعدية كقولك: هلم الطعامَ.
وورد القرآن بالمعنيين، قال الله تعالى:{وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا}[الأحزاب: ١٨] ، وقال في هذه الآية:{قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ}[الأنعام: ١٥٠] .
قال الزجاج: هاتوا وقربوا شهداءكم {الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا}[الأنعام: ١٥٠] يعني: ما ذكر من الحرث والأنعام مما حرمه المشركون، يقول: ائتوا بمن يشهد لكم أن هذا التحريم جاءكم من الله.
فإن شهدوا هم وقالوا: نشهد بذلك، {فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ}[الأنعام: ١٥٠] لا توافقهم على دينهم ومقالتهم، {وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا}[الأنعام: ١٥٠] يعني: هؤلاء