قال المفسرون: فعَجُّوا من ذلك، وأعطوا موسى عهد الله لئن كشف الله ذلك أن يؤمنوا، فدعا موسى فكشف الله الجراد، وكان قد بقى من غلاتهم بقية، فقالوا: قد بقى لنا ما هو كافينا، فما نحن بتاركي ديننا.
فبعث الله عليهم القمل، وهو الدَّبَى الصغار التي لا أجنحة لها.
وهذا قول مجاهد، والسدي، وقتادة، وقول ابن عباس في رواية عطاء، وقال في رواية سعيد بن جبير: القمل: السوس الذي يخرج من الحنطة.
وهو قول الحسن قال: القمل دواب سود صغار فتتبع القمل ما بقى من حروثهم، فأكله ولحس الأرض، فجزعوا وخافوا الهلاك، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا الدبى، فقالوا: ما نحن لك بمؤمنين ولا مرسلين معك بني إسرائيل.
فدعا عليهم موسى، فأوحى الله إليه أن يقوم على حافة النيل، ويشير بعصاه إلى أدناه وأقصاه، ففعل ذلك موسى، فتداعت الضفادع بالنقيق من كل جانب حتى أعلم بعضهم بعضا، ثم خرجت مثل الليل الدامس، حتى دخلت بيوتهم بغتة، وامتلأت منها أبنيتهم وأفنيتهم وأطعمتهم، فكان لا يكشف أحدهم ثوبا ولا إناء ولا طعاما ولا شرابا إلا وجد فيه الضفادع، وكان الرجل يجلس إلى ذقنه في الضفادع، ويهم أن يتكلم فيثب الضفدع في فيه، وينام أحدهم فيستيقظ وقد ركبته الضفادع ذراعا، بعضها فوق بعض وصارت عليه ركاما حتى ما يستطيع أن يتحول بشقه الآخر وكان أحدهم يفتح فاه لأكلته، فيسبق الضفدع أكلته إلى فيه، وكانوا لا يعجنون عجينا إلا تشدخت فيه، ولا يطبخون قدرا إلا امتلأت ضفادع، فضجر آل فرعون من ذلك، وضاق عليهم أمرهم، فبكوا وشكوا إلى موسى، وقالوا: اكشف عنا هذا البلاء، فإنا نتوب هذه المرة، فأخذ بذلك عهودهم ومواثيقهم، ثم دعا