وقال السدي: لما نزلت اشتد شأنها على الناس، فنسخها الله وأنزل:{لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى}[التوبة: ٩١] الآية، قوله:{وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[التوبة: ٤١] هذا يدل على أن الموسر يجب عليه الجهاد بالمال إذا عجز عن الجهاد بالبدن لزمانة أو علة، فوجوب الجهاد بالمال كوجوبه بالبدن على الكفاية، وقوله:{ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ}[التوبة: ٤١] أي: من التثاقل إلى الأرض إذا استنفرتم، {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[التوبة: ٤١] ما لكم من الجزاء والثواب.
والشقة السفر البعيد لأنه يشق على الإنسان، وَسَيَحْلِفُونَ بِالله يعني المنافقين إذا رجعتم إليهم:{لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ}[التوبة: ٤٢] لو قدرنا وكان لنا سعة في المال، يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ بالكذب والنفاق، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}[التوبة: ٤٢] لأنهم كانوا يستطيعون الخروج وكانوا مياسير، ذوي زاد وسلاح وعدة، قوله تعالى:{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ}[التوبة: ٤٣] ، قال عمرو بن ميمون الأودي: اثنان فعلهما النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يؤمر بهما: إذنه للمنافقين، وأخذه الفداء من الأسارى، فعاتبه الله كما تسمعون.
قال سفيان بن عيينة: انظر إلى هذا اللطف: بدأه بالعفو قبل أن يعيره بالذنب.
قال قتادة: ثم أنزل بعده نسخ هذه الآية: {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ}[النور: ٦٢] .