للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بقوله: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة: ١٢٢] .

وقال السدي: لما نزلت اشتد شأنها على الناس، فنسخها الله وأنزل: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى} [التوبة: ٩١] الآية، قوله: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٤١] هذا يدل على أن الموسر يجب عليه الجهاد بالمال إذا عجز عن الجهاد بالبدن لزمانة أو علة، فوجوب الجهاد بالمال كوجوبه بالبدن على الكفاية، وقوله: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} [التوبة: ٤١] أي: من التثاقل إلى الأرض إذا استنفرتم، {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [التوبة: ٤١] ما لكم من الجزاء والثواب.

{لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ {٤٢} عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ {٤٣} لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ {٤٤} إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ {٤٥} وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ {٤٦} لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ {٤٧} لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ {٤٨} } [التوبة: ٤٢-٤٨] قوله: {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا} [التوبة: ٤٢] نزلت في المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، والمعنى: لو كان ما دعوا إليه عرضا قريبا غنيمة قريبة، وَسَفَرًا قَاصِدًا قريبا هينا، لاتَّبَعُوكَ طمعا في المال، {وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ} [التوبة: ٤٢] المسافة، وقال الكلبي: يعني السفر إلى الشام.

والشقة السفر البعيد لأنه يشق على الإنسان، وَسَيَحْلِفُونَ بِالله يعني المنافقين إذا رجعتم إليهم: {لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ} [التوبة: ٤٢] لو قدرنا وكان لنا سعة في المال، يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ بالكذب والنفاق، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [التوبة: ٤٢] لأنهم كانوا يستطيعون الخروج وكانوا مياسير، ذوي زاد وسلاح وعدة، قوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: ٤٣] ، قال عمرو بن ميمون الأودي: اثنان فعلهما النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يؤمر بهما: إذنه للمنافقين، وأخذه الفداء من الأسارى، فعاتبه الله كما تسمعون.

قال سفيان بن عيينة: انظر إلى هذا اللطف: بدأه بالعفو قبل أن يعيره بالذنب.

قال قتادة: ثم أنزل بعده نسخ هذه الآية: {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ} [النور: ٦٢] .

وقوله: {

<<  <  ج: ص:  >  >>