[السؤال (١١٣) : فضيلة الشيخ، حبذا لو عرفنا شروط وجوب الزكاة؟]
الجواب: شروط وجوب الزكاة: الإسلام، والحرية، وملك النصاب، واستقراره، ومضي الحول، إلا في المعشرات.
فأما الإسلام: فإن الكافر لا تجب عليه الزكاة، ولا تقبل منه لو دفعها باسم الزكاة، لقول الله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) (التوبة: ٥٤) الآية.
ولكن ليس معنى قولنا إنها لا تجب على الكافر ولا تصح منه ولا تقبل منه، أنه معفى عنها في الآخرة، بل إنه يعاقب عليها، لقوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (٣٨) (إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ) (٣٩) (فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ) (٤٠) (عَنِ الْمُجْرِمِينَ) (٤١) (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) (٤٢) (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) (٤٣) (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) (٤٤) (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) (٤٥) (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) (٤٦) (حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ) (المدثر٣٨-٤٧) ، وهذا يدل على أن الكفار يعذبون على إخلالهم بفروع الإسلام، وهو كذلك.
وأما الحرية: فلأن المملوك لا مال له، إذ إن ماله لسيده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من باع عبداً له مال، فماله لبائعه إلا أن يشترط المبتاع" (١) . فهو إذن غير مالك للمال حتى تجب عليه الزكاة، وإذا قدر أنه أي العبد ملك بالتمليك، فإن ملكه في النهاية يعود إلى سيده، لأن سيده له أن يأخذ ما بيده، وعلى هذا ففي ملكه نقص، ليس مستقراً استقرار أملاك الأحرار.
وأما ملك النصاب: فمعناه أن يكون عند الإنسان مال يبلغ النصاب الذي قدره الشرع، وهو يختلف باختلاف الأموال، فإذا لم يكن عند الإنسان نصاب فإنه لا زكاة عليه، لأن ماله قليل لا يحتمل المواساة، والنصاب يختلف باختلاف الأموال، ففي المواشي الأنصبة فيها مقدرة ابتداء وانتهاء، وفي غيرها الأنصبة مقدرة فيها ابتداء وما زاد فبحسابه.
وأما مضي الحول: فلأن إيجاب الزكاة في أقل من الحول يستلزم الإجحاف بالأغنياء، وإيجابها فيما فوق الحول يستلزم الضرر في حق الفقراء، فكان من حكمة الشرع أن يقدر لها زمناً معيناً تجب فيه وهو الحول، وفي ربط ذلك بالحول توازن بين حق الأغنياء وحق أهل الزكاة، وعلى هذا فلو مات الإنسان مثلاً أو تلف المال قبل تمام الحول سقطت الزكاة، إلا أنه يستثنى من تمام الحول ثلاثة أشياء: ربح التجارة، ونتاج السائمة، والمعشرات.
أما ربح التجارة: فإن حوله حول أصله، وأما نتاج السائمة: فحول النتاج حول الأمهات، وأما المعشرات فحولها تحصيلها أي وقت تحصيلها مثال ذلك في الربح: أن يشتري الإنسان سلعة بعشرة آلاف ريال، ثم قبل تمام حول الزكاة بشهر تزيد هذه السلعة أو تربح نصف الثمن الذي اشتراها به، فيجب عليه زكاة رأس مال وزكاة ربح وإن لم يتم للربح حول، لأنه فرع، والفرع يتبع الأصل.
وأما النتاج: فمثل أن يكون عند الإنسان من البهائم نصاب، ثم في أثناء الحول يتوالد هذا النصاب حتى يبلغ نصابين، فيجب عليه الزكاة للنصاب الذي حصل بالنتاج وإن لم يتم عليه الحول، لأن النتاج فرع فيتبع الأصل.
وأما المعشرات: فحولها حين أخذها مثل الحبوب والثمار، فإن الثمار في النخل مثلاً لا يتم عليه الحول حتى يجذّ، فتجب الزكاة عند جذه، وكذلك الزرع يزرع ويحصد قبل أن يتم عليه الحول، فتجب عليه الزكاة عند حصاده، لقول الله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) (الأنعام: ١٤١) .
فهذه الأشياء الثلاثة تستثنى من قولنا إنه يشترط لوجوب الزكاة تمام الحول.
مال المملوك هل يعفى من الزكاة
(١) أخرجه أبو داود، كتاب الإجارة، باب في العبد يباع وله مال، رقم (٣٤٣٥) وفي إسناده مجهول وهو الراوي عن جابر رضي الله عنه، ويشهد له بالصحة حديث ابن عمر رضي الله عنه مرفوعاً: ".. ومن ابتاع عبداً فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع". أخرجه البخاري، كتاب المساقاة، باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو في نخل، رقم (٢٣٧٩) ، ومسلم، كتاب البيوع، باب من باع نخلاً عليها ثمر، رقم (١٥٤٣) .