السؤال (١٢) : فضيلة الشيخ، ما معنى الشهادتين، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟
الجواب: الشهادتان: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، هما مفتاح الإسلام، ولا يمكن الولوج إلى الإسلام إلا بهما، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن أن يكون أول ما يدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله (١) .
فإما الكلمة الأولى: وهي شهادة أن لا إله إلا الله، فأن يعترف الإنسان بلسانه وقلبه، بأنه لا معبود إلا الله عز وجل، لأن إله بمعنى مألوه، والتأله: التعبد والمعنى: أنه لا معبود إلا الله تعالى وحده.
وهذا الجملة تشتمل على نفي وإثبات، فأما النفي ففي قوله "لا إله"، وأما الإثبات ففي قوله:"لا إله، و"الله" بدل من الخبر المحذوف خبر "لا" لأن التقدير: "لا إله حق إلا الله". فهو إقرار باللسان بعد أن آمن به القلب بأنه لا معبود حق إلا الله عز وجل، وهذا يتضمن إخلاص العبادة لله وحده، ونفي العبادة عما سواه، وبتقديرنا الخبر بهذه الكلمة "حق"، يتبين الجواب عن الإشكال الذي (يورده) كثير من الناس وهو كيف تقولون: "لا إله إلا الله" مع أن هناك آلهة تعبد من دون الله. سماها الله آلهة، وسماها عابدوها آلهة. فقال الله تبارك وتعالى:(فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ)(هود: ١٠١) ، وقال تعالى:(وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ)(الاسراء: ٣٩) ، وقال تعالى:(وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ)(القصص: ٨٨) ، فكيف يمكن أن نقول "لا إله إلا الله"، مع ثبوت الألوهية لغير الله عز وجل، وكيف يمكن أن نثبت الألوهية لغير الله والرسل يقولون لأقوامهم:(اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)(الأعراف: من الآية٥٩) .
والجواب على هذا الإشكال: يتبين بتقدير الخبر في " لا إله إلا الله" فنقول: هذه الآلهة التي تعبد من دون الله هي آلهة، لكنها آلهة باطلة، ليست آلهة حقة، وليس لها من حق الألوهية شيء، ويدل لذلك قوله تعالى:(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)(لقمان: ٣٠) ، ويدل لذلك أيضاً قوله تعالى:(أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى)(١٩)(وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى)(٢٠)(أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى)(٢١)(تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى)(٢٢)(إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ)(النجم: ١٩-٢٣) ، وقوله تعالى عن يوسف عليه الصلاة والسلام:(مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ)(يوسف: ٤٠) ، إذن فمعنى لا إله إلا الله أي لا معبود حق إلا الله عز وجل، فأما المعبودات سواه، من الرسول، أو الملائكة، أو الأولياء، أو الأحجار، أو الأشجار، أو الشمس، أو القمر، أو غير ذلك فإن ألوهيتها التي يزعمها عابدوها ليست حقيقة، أي ألوهية باطلة. بل الألوهية الحق هي ألوهية الله عز وجل.