[السؤال (٢٣٠) فضيلة الشيخ، عرفنا صفة الحج، وعرفنا التمتع والقران والإفراد، وقلتم في الإفراد: إن المسلم يأتي بالحج وحده ولا يأتي بعمرة معه، لكننا نرى كثيرا من الناس إذا انتهى من الإفراد اعتمر، فما حكم هذا العمل؟]
الجواب: هذا العمل لا أصل له في السنة، فلم يكن الصحابة رضي الله عنهم مع حرصهم على الخير يأتون بهذه العمرة بعد الحج، وخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، وأصحابه الذين هم خير القرون، وإنما جاء ذلك في قضية معينة قصة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، حيث كانت محرمة بعمرة، ثم حاضت قبل الوصول إلى مكة، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحرم بالحج؛ ليكون نسكها قرانا، وقال لها:((طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك)) (١) ، فلما انتهى الحج، ألحت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأتي بعمرة، بدلا من عمرتها التي حولتها إلى قران، فأذن لها، وأمر أخاها عبد الرحمن بن عوف أن يخرج بها من الحرم إلى الحل، فخرج بها إلى التنعيم، وأتت بعمرة، فإذا وجدت صورة كالصورة التي حصلت لعائشة، وأرادت المرأة أن تأتى بعمرة، فحينئذ نقول: لا حرج أن تأتي المرأة بعمرة، كما فعلت أم المؤمنين عائشة رضي الله صلى الله عليه وسلم عنها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
ويدلك على أن هذا أمر ليس مشروع، أن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه وهو مع أخته لم يحرم بالعمرة لا تفقها من عنده، ولا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان هذا من الأمور المشروعة، لكان رضي الله عنه يأتي بالعمرة؛ لأن ذلك أمر سهل عليه حيث إنه قد خرج مع أخته.
والمهم: أن ما يفعله بعض الحجاج كما أشرت إليه ليس له أصل من السنة.
نعم: لو فرض أن بعض الحجاج يصعب عليه أن يأتي إلى مكة بعد مجيئه هذا، وهو قد أتى بحج مفرد، فإنه في هذه الحال في ضرورة إلى أن يأتي بعد الحج بالعمرة، ليؤدي واجب العمرة؛ فإن العمرة واجبة على القول الراجح من أقوال أهل العلم؛ وحينئذ يخرج إلى التنعيم، أو إلى غيره من الحل، فيحرم منه، ثم يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر.
(١) أخرجه أبو داود، كتاب المناسك، باب طواف القارن، رقم (١٨٩٧) ، وعند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (٠ يسعك طوافك لحجك وعمرتك)) فأبت، فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج، كتاب الحج، باب إحرام النفساء..وكذا الحائض، رقم (١٢١١)