[السؤال (٦١) : فضيلة الشيخ، ما هي أبرز أحكام التلاوة؟]
الجواب: الذي ينبغي لتالي القرآن أن يكون على طهر من الحدثين الأصغر والأكبر، ولا يجوز له أن يقرأن القرآن وعليه حدث أكبر، فالجنب مثلاُ لا يقرأ القرآن حتى يغتسل، لأن السنة وردت بالمنع منه في حال الجنابة، أما الحائض فقد اختلف أهل العلم هل يجوز لها أن تقرأ القرآن؟
اختلفوا في ذلك على قولين: فمنهم من قال: إنه يجوز أن تقرأ القرآن، لأنه ليس في منعها من القرآن سنة صريحة، والأصل براءة الذمة وعدم الإلزام، كما أن الأصل أيضاً عدم المنع، ويرى بعض أهل العلم أنه لا يجوز لها أن تقرأ القرآن وهي حائض، لأنها ممن يلزمها الغسل، فهي كالجنب، ولأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أحاديث تدل على المنع، والذي أرى في هذه المسألة أنها لا تقرأ القرآن إذا كان غرضها بذلك مجرد التلاوة، أما إذا كانت تريد أن تقرأ القرآن لحاجة، تخشى نسيانه مثلاُ، أو تقرئه أبناءها أو بناتها أو الطالبات إن كانت مدرسة، أو تكون طالبة تريد أن تقرأه لإسماع المدرسة، فإن هذا لا بأس به للحاجة، وكذلك لا بأس أن تقرأ الآيات التي تكون ورداً كآية الكرسي، لأن هذا حاجة، فيكون هذا القول الذي أراه أقرب إلى الصواب مبنيا على حاجة المرأة الحائض، إن احتاجت للتلاوة فلها أن تقرأ القرآن، وإن لم تحتج فلا تقرأ القرآن.
كذلك ينبغي لقارئ القرآن أن يكون مستحضراً في قلبه ما تدل عليه كلمات القرآن العظيم من المعاني الجليلة، سواء كانت هذه الآيات تتضمن الأخبار والقصص أو الأحكام، لأن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن لهذه الحكمة (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)(صّ: ٢٩) .
والإنسان يجد الفرق العظيم إذا تلا القرآن وقلبه غافل، وإذا تلا القرآن وقلبه حاضر يتدبر ما يقول، يجد الفرق العظيم بين هذه الحال والحال الأخرى، ويجد أنه ينتفع أكثر إذا قرأ القرآن بتدبر وتفكر، فإن ذلك يؤثر في قلبه قوة الإيمان والتصديق، وقوة الانقياد والإذعان للأحكام التي يتضمنها كتاب الله عز وجل.
وأما ما ينبغي أن تكون التلاوة عليه: فينبغي أن تكون التلاوة تلاوة هادئة، ليس فيها سرعة تسقط بعض الحروف، أو تخفى بها الكلمات، بل يقرأ القرآن بتمهل وترسل، ولا بأس بالعجلة أحياناً، بشرط ألا يسقط الحروف أو شيئاً منها، أو يدغم مالا يجوز إدغامه أو ما أشبه ذلك.