[السؤال (٤٤) : فضيلة الشيخ، ما هو الإلحاد في أسماء الله وصفاته؟]
الجواب: الإلحاد في الأصل أي في اللغة العربية: هو الميل، ومنه قوله تعالى:(لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)(النحل: ١٠٣) ، ومنه اللحد في القبر، فإنه سمي لحداً لميله إلى جانب منه. ولا يعرف الإلحاد إلا بمعرفة الاستقامة، لأنه كما قيل: بضدها تتبين الأشياء، فالاستقامة في باب أسماء الله وصفاته: أن نجري هذه الأسماء والصفات على حقيقتها اللائقة بالله عز وجل، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، كما مر علينا في القاعدة التي يمشي عليها أهل السنة والجماعة في هذا الباب، فإذا عرفنا الاستقامة في هذا الباب فإن خلاف الاستقامة هو الإلحاد، وقد ذكر أهل العلم للإلحاد في أسماء الله تعالى أنواعاً يجمعها أن نقول: هو الميل بها عما يجب اعتقاده فيها.
فالنوع الأول: أن ينكر شيء منها أو مما دلت عليه من الصفات، مثل أن ينكر اسم الرحمن من أسماء الله كما فعل أهل الجاهلية، أو تثبت الأسماء ولكن ينكر ما تضمنته من الصفات، كما يقول بعض المبتدعة:" إن الله تعالى رحيم بلا رحمة، وسميع بلا سمع، وبصير بلا بصر" وهكذا.
النوع الثاني: أن يسمي الله تعالى بما لم يسم به نفسه، ووجه كونه إلحاداً أن أسماء الله سبحانه وتعالى توقيفية، فلا يحل لأحد أن يسمي الله تعالى باسم لم يسم به نفسه، لأن هذا من القول على الله بلا علم، ومن العدوان على الله عز وجل أيضاً، ومن العدوان في حق الله عز وجل، وذلك كما صنع الفلاسفة فسموا الإله بالعلة الفاعلة، وكما صنع النصارى فسموا الله تعالى باسم الأب ونحو ذلك.
النوع الثالث: أن يعتقد أن هذه الأسماء دالة على أوصاف تماثل أوصاف المخلوقين، فيجعلها دالة على التمثيل. ووجه كونه إلحاداً: أن من اعتقد بأن أسماء الله سبحانه وتعالى دالة على تمثيل الله بخلقه فقد جعل كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم دالاً على الكفر، لأن تمثيل الله بخلقه كفر، لكونه تكذيباً لقوله تعالى:(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: ١١) ، ولقوله:(هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً)(مريم: ٦٥) ، قال نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري - رحمهم الله " من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما سمى الله ووصف به نفسه تشبيه".
النوع الرابع: أن يشتق من أسماء الله تعالى أسماء للأصنام، كاشتقاق اللات من الإله، والعزى من العزيز، ومناة من المنان، ووجه كونه إلحاداً أن أسماء الله عز وجل خاصة به، فلا يجوز أن تنقل المعاني الدالة عليها هذه الأسماء إلى أحد المخلوقين، ليعطى من العبادة ما لا يستحقه إلا الله عز وجل، هذه أنواع الإلحاد في أسماء الله سبحانه وتعالى.