للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السؤال (٢٣٩) : فضيلة الشيخ، حبذا لو حدثتمونا فضيلتكم عن النيابة الجزئية في الحج؟]

الجواب: النيابة الجزئية في الحج معناها: أن يوكل الإنسان عنه من يقوم ببعض أفعال الحج، مثل أن يوكل من يطوف عنه، أو يسعى عنه، أو يقف عنه، أو يبيت عنه، أو يرمي عنه، أو ما أشبه ذلك من جزئيات الحج، والراجح: أنه لا يجوز للإنسان أن يستنيب من يقوم عنه بشيء من أجزاء الحج أو العمرة، سواء كان ذلك فرضا أو نفلا؛ وذلك لأن من خصائص الحج والعمرة، أن الإنسان إذا أحرم بهما صار فرضا ولو كان ذلك نفلا، أي: لو كان الحج أو العمرة نفلا؛ لقوله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجّ) (البقرة: ١٩٧) .

وهذه الآية نزلت قبل فرض الحج، أي قبل قوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (آل عمران: ٩٧) ، وهذا يدل على أن تلبس الإنسان بالحج أو العمرة يجعله فرضا عليه.

وكذلك يدل على أنه فرض إذا شرع فيه؛ قوله تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج: ٢٩) ، وهذا يدل على أن الشروع في الحج يجعله كالمنذور، وبناء على ذلك: فإنه لا يجوز لأحد أن يوكل أحداً في شيء من جزئيات الحج ولا أعلم في السنة أن الاستنابة في شيء من أجزاء الحج قد وقعت إلا فيما يروى من كون الصحابة رضي الله عنهم يرمون عن الصبيان، ويدل لهذا أن أم سلمة رضي الله عنها لما أرادت الخروج قالت: يا رسول الله، إني أريد الخروج وأجدني شاكية، فقال: ((طوفي من وراء الناس وأنت راكبة)) (١) ، وهذا يدل على أنه لا يجوز التوكيل في جزئيات الحج.

قياس التوكيل في الرمي على غيره من مناسك الحج


(١) أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب طواف النساء مع الرجال، رقم (١٦١٩) ومسلم، كتاب الحج، باب جواز الطواف على بعير وغيره، رقم (١٢٧٦) .

<<  <   >  >>