للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كنت في القوة فأنت مخلوق ضعيف مخلوق من العدم، وعملك مخلوق أيضا فالفضل والشكر كله لله سبحانه وتعالى الذي خلق، وأبدع وخلق الإنسان في أحسن تقويم، وفطر السماوات والأرض {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} ١، فدورك أيها الداعية الكريم أن تربط هذا التطور وهذا التقدم الذي بهر العقول، أن تربطه بالقدرة الإهلية وتبين للناس أن الله سبحانه هو الخالق وحده لهذه الأمور، فهو وحده القادر على تدميرها أو تطويرها، تبين لهم ذلك بأسلوبك، ولباقتك المعهودة لتجعل المؤمن يزداد إيمانًا أما الذي في قلبه مرض، وشك وشرك ونفاق فيزداد ريبة، وظلمة قال الله تعالى: {لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} ٢.

إن كل أطروحة وكل قول: يحتاج منك أيها الداعية إلى ما يدعمها بالحجة والبرهان، لا بمجرد الكلام فإن الرد من غير دليل، والوعظ بلا برهان بمنزلة هدم العلم بالشك المجرد، ويشترط للدليل صحته، فلا يحدث عن كذوب، ولا ينقل عن غير ثقة، حتى لو كان ذلك في مصلحة الدعوة إذ إن صحة الدليل شرط لقبوله.

وإياك والتحكم في الدليل حسب الهوى، فذلك شأن المبطلين ودأب المضلين، وإن من الأمور الأساسية في أي قول، أو أي ادعاء أن


١ سورة فاطر: الآية ١.
٢ سورة المدثر: الآية ٣١.

<<  <   >  >>