يسند بالدليل الواضح الجلي من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة، فإنه أدعى للقبول، إذ إن الدليل يطمئن النفس ويربح الصدر، ويجعل القبول سهلا يسيرًا، والإقناع ممكنا ما دام هذا القول يوافق الدليل والبرهان، أما إذا كان حديث الداعية، وكلامه خاليًا من الدليل مجردًا من الواقعية يغلب عليه الحشو والعبارات الجوفاء المنمقة، فلا تدخل إلى القلب ولا تؤثر في نفوس المستمعين ولا الحاضرين؛ لأن الناس دائما يطالبون المتكلم بالدليل الساطع "من قال الله قال رسوله قال ألوا العلم والعرفان"، وباختصار "الكلام بدون دليل كالطعام بدون ملح"، فليتفطن الداعية لهذا، وليأخذه بالحسبان ولا يغفله أو يغفل عنه أثناء حديثه مع الناس سواء كان هذا الحديث جماعيًّا، أو فرديًّا خاصًّا أو عاما سرا أو علانية فإنه أدعى للقبول والانقياد، إذ إن الحديث في الوعظ والمحاضرات والندوات، وخطب الجمع والعيدين وغيرها إذا لم يتوج بالدليل من الكتاب والسنة، فإنه يكون حافًّا جافًّا لا خير ولا ثمرة، فكثير ما نسمع الكلام الطويل المنمق، والعبارات المعسولة الفصيحة والجمل البليغة الرنانة الخالية من الدليل أثناء الخطب، والمواعظ لا تعد أن تكون مجرد حشو للكلام، وصف للعبارات لا يستفيد منها أحد، ولا تدخل إلى أعماق القلوب، فيا أيها الداعية إلى الله يا من تبذل وقتك، وجهدك بل وحياتك وأغلى ما عندك في سبيل دعوتك، ومنهجك المستمد من السماء أسند قولك بالدليل دائمًا، ولا تترك مجالًا للشك والريب، وعدم الوضوح عند الناس، فيبقى الناس في شك وريبة من أمرهم ولا يقتنعون بما تقول ولا بما تدعو إليه، فإن الدليل مريح للقلب مريح للنفس يجعل قبول الموعظة سهلًا فلا تدع أقوالك