الكريم وعلومه، فهو الجامع لما تقدم، فالبلد الذي تنتشر فيه البدع من تعظيم القبور وكثرة الأضرحة المعظمة، والتي تقصد ببعض العبادات كطلب الشفاعة والشفاء وغير ذلك، فهنا الأولى أن يبدأ الداعية بترسيخ العقيدة من جميع جوانبها، والتحذير من الشرك بجميع أنواعه وأشكاله، وبيان خطره على الفرد والمجتمع والدول، ثم بعد ذلك يواصل العمل في الدعوة في الموضوعات الأخرى متدرجًا بالأهم قبل المهم، وبإمكان الداعية أن يجمع بين الأبواب المذكورة بأسلوبه الواضح يشبع الموضوع بحثا وبيانًا من جميع جوانبه، ويبدأ بما تدعو إليه الحاجة وما تقتضيه المصلحة، لكن ينبغي للداعية أن يبدأ بالأهم قبل المهم، وخاصة قضايا العقيدة وترسيخ الإيمان، ففي الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لما أرسل معاذًا إلى اليمن:"إنك تقدم قومًا من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقراءهم، وإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" ١، ففي هذا الحديث التدرج في الدعوة وعمومها، وأن المسلم يجب عليه معرفة أمور دينه عن طريق الداعية المحتسب الذي يستطيع توصيل العمل النافع إلى كل الناس، فأنت أيها الداعية الكريم كقائد السفينة، فلا تدع السفينة تغرق وأنت فيه، بل أنت من ربانها، فلا بد أن تلتمس الطرق والسبل التي تجعلك تنجو، وتنجي غيرك بإذن الله من الغرق في أوحال المعاصي
١ فتح الباري: "١٣/ ٣٤٧"، النووي على مسلم: "١/ ١٩٦".