للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنفك عنه بحال؛ لأن ذلك وسيلة للوصول إلى المقصود وسجية التيسير تعني قابلية الداعية للتنازل، والأخذ بالأيسر طالما أن التيسير ممكن، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم: "أنه ما خير بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه"١.

"ولم تكن دعوته -صلى الله عليه وسلم- في يوم من الأيام وسيلة إلى قهر الناس وإذلالهم ولا العدوان عليهن، طلبًا لمغنم، أو تمكينًا لأتباعه على من خالف الدعوة، وإظهارًا لنصرتهم على أعدائهم فقط، لم تكن الدعوة كذلك حين بلغها النبي -صلى الله عليه وسلم- فمن آمن به، واتبعه لم يزدد إلا عزا وقربًا من الله ورسوله، وقد أمر الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يأخذ هؤلاء باللين والرحمة {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ٢ "٣.

وقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} ٤.

فالأمة التي تعد أبناء مجاهدين تعدهم أيضًا ميسيرين. عن معاذ بن جبل أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الغزو غزوان فأما من ابتغى وجه الله، وأطاع الإمام وأنفق الكريمة وياسر الشريك واجتنب الفساد، فإن نومه ونبهه أجر كله، وأما من غزا فخرًا ورياءً وسمعة وعصى الإمام، وأفسد في الأرض، فإنه لم يرجع بالكفاف" ٥، ولم يكن صلوات ربي وسلامه


١ صحيح الإمام البخاري، انظر تخريج الحديث ص٧٨.
٢ عن كتاب مسئولية الدول الإسلامية عن الدعوة، د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، "ص١٩".
٣ سورة الشعراء: من الآية ٢١٥.
٤ انظر ص٩٤.
٥ سنن أبي داود، كتاب الجهاد: "٢٥١٥".

<<  <   >  >>