للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه يقبل من أصحابه أي نوع من الغلظة والجفاء والإحراج، اقتداؤنا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقتضي منا أن نختار الأيسر للناس ونقبله منهم، وإن كان فيه تنازل عن حق من حقوقنا، فتلك المياسرة في الدنيا طريق لتحصيل التيسير، والمغفرة من الله في الآخرة، وكانت الأئمة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها ما لم يكن إثمًا، فإن عارض الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره اقتدء بالنبي -صلى الله عليه وسلم، ومن لزوم التيسير على الناس ورفع الحرج عنهم، فقد تكفل الله له بالوقاية من النار، وغفران الذنوب كما جاء ذلك في الحديث الشريف: عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بمن حرم على النار، أو بمن تحرم عليه النار كل قريب سهل" ١، وعنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "حرم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس" ٢ وقال الحق: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} ٣، وفي الحديث الصحيح: "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه" ٤، "إن الرفق ما يكون في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه" ٤، والتيسير خير وثماره بركة، حتى في الزوجة: "فإن الخيرية والبركة في المرأة التي اتصفت بتيسير خطبتها، وتيسير صداقها"، قال -صلى الله عليه وسلم: "خير النكاح أيسره" ٥،


١ مسند الإمام أحمد وصححه الألباني، وسنن الترمذي، كتا صفة القيامة والرقائق والورع "٢٤٨٨".
٢ مسند الإمام أحمد، مسند المكثرين من الصحابة رقم "٣٩٢٨".
٣ سورة البقرة: من الآية ١٨٥.
٤ من حديث عائشة -رضي الله عنها، أخرجهما الإمام مسلم وكلاهما في كتاب البر: "٢٥٩٣، ٢٥٩٤".
٥ صحيح سنن أبي داود، كتاب النكاح "٢١١٧".

<<  <   >  >>