للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكي يميل الناس إلى البساطة، وعدم المبالغة في المهور والأفراح بما يرهق الراغبين في العفة، ويسد أبواب التحصين ويفتح أبواب الإنحراف، والتيسير مطلوب من المسلم في النكاح، والدعوة ومن أمثلة التيسير في الدعوة بالتي هي أحسن ما حصل من الأعرابي عند ما بال في المسجد عزم الصحابة على نهره، وزجره فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك. مثال آخر جاء حصين ومعه قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى جلسوا قريبا من باب النبي -صلى الله عليه وسلم، ودخل حصين فلما رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أوسعوا للشيخ"، فقال حصين: ما هذا الذي بلغنا عنك؟ أنك تشتم آلهتنا فقال: "يا حصن كم تعبد من آلهة"؟ قال: أعبد سبعا في الأرض وواحدا في السماء، فقال: "فإذا أصابك الضر فمن تدعو"؟ قال: الذي في السماء، قال: "فإذا هلك المال من تدعو"؟ قال: الذي في السماء قال: "فيستحيب لك وحده وتشرك معه غيره، يا حصين أسلم تسلم"، فأسلم فقام إله ولده عمران فقبل رأسه ويديه ورجليه. فلما أراد الخروج قال: شيعوه إلى منزله.

فالتيسير مطلوب في كل شيء، وخاصة في الدعوة التي فيها هداية الناس، وإخراجهم مما هم فيه من كفر، وفسوق وعصيان، مطلوب منك أيها الداعية الكثير من الصبر، والمصابرة والرفق، واللين بعباد الله، وليس معنى الصبر والتيسير التفريط في أوامر الله ونواهيه أو التنازل عن شء منها، فعلى الداعية أن يعلم علم اليقين أن الدين دين الله ليس فيه تنازل ولا مداهنة {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} ١.

"ولا يفهم مما ذكر أن الدعوة باللين والرفق، والدعوة بالشدة والقسوة كفتان، أو طرفان متساويان للدعوة بل دلت نصوص الكتاب


١ سورة القلم: الآية ٩.

<<  <   >  >>