للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أوساط الناس يغشاهم في بيوتهم وأماك تجمعاتهم، وأسواقهم وأنديتهم ليقدم لهم العلاج ويصرف لهم الدواء بدون جزاء ولا مقابل، الناس يأتون إلى طبيب الأجسام، ويبذلون الأموال الطائلة في سبيل الشفاء من المرض، والداعية هو الذي يتحمل المشاق، والتكاليف ويذهب إلى الناس ويعيش معهم في أوساطهم، وأماكن تجمعاتهم حتى يعرف المرض ويشخصه تماما، ومن ثم يقوم بالعلاد ويبدأ في صرف الدواء، فهو طبيب النفوس الحاذق الماهر الذي يعرف الداء ويصرف له الدواء النافع المفيد، فالداعية مسئول أمام الله إذا لم يقم بهذا الدور الفعل في المجتمع الذي يعيش فيه، وهو مكلف تكليفًا أكيدًا لا خيار له فيه، ولا تراجع بل لو تراجع أو ترك الدعوة إلى الله عاقبة الذي كلفه بها، وهو العليم الخبير عالم السر وأخفى لا يخفى عليه شيء من عملك، ولا حركاتك في الدعوة وفي غيرها، إذا مطلوب من الداعية أن يتحرك بين أوساط الناس، وأن يعمل جاهدًا لعلاج الروح، فهي تمرض وتسقم بقدر من الله، فمن هذه الأمراض ما يكون شديدا، ومنه ما يكون خفيفا وخاصة بدايته. مثلها مثل الجسم تمامًا فأول ما يبدأ خفيفا بسيطًا، ثم يبدأ العد التصاعدي في البعد عن منهج الله، فإن عولج هذا المرض في بدايته شفي صاحبه بإذن الله، وإن ترك المرض حتى انتشر في الجسم وتمكن منه صعب علاجه، إن الداعية كالطبيب فلا يقدم للمصاب بمرض السرطان علاج مرض السكر، ولا لمريض السكر علاج مرض الصدر، بل يقدم لكل مريض العلاج المناسب له، ويراعي كذلك عند تقديم العلاج القدر، والأسلوب الملائمين لطبيعة المريض كي لا يصير ضرر العلاج أكثر من نفعه"١.


١ عن كتاب مراعاة أحوال المخاطبين. د. فضل إلهي ظهير "ص١٥٩".

<<  <   >  >>