للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالواجب على الداعية معرفة المرض أولًا من جميع الجوانب، فقد يكون مرض بدعة وقد يكون مرض شبهة، وقد يكون مرض شهوة إلى غير ذلك، فإذا عرفت المرض سهل العلاج، الحمد لله أن هذا العلاج لا يكلف مبالغ مالية ولا تكاليف بدنية؛ لأن العلاج يصرف "بالمجان" -إن صح التعبير- فدور الداعية أن يعطي العلاج بعد معرفة ما عند الفرد، أو الأفراد من مخالفات شرعية في العقيدة أو العبادات أو المعاملات، أو الأخلاق والسلوك إلى غير ذلك مما هو منتشر عند كثير من الناس، فكما أن طبيب الجسم لا يعطي علاجًا واحدًا لعدة أمراض، فكذلك الداعية تعرف على النفوس، وما تميل إليه وما يصلح لها ويصلحها، عندها يمكن للداعية أن يدخل إلى أعماق النفوس والقلوب، ويزيل ما علق بها من أمراض الشهوة والشبهة، والبدعة حتى تصبح بيضاء نقية خالصة لربها وخالقها، "فالمرشدون هم أطباء المجتمع، ومن شأن الطبيب أن يهتم بمعرفة الأدواء، ثم يعمل على علاجها بادئًا بالأهم فالمهم، وهذه طريقة أنصح الأطباء وأعلمهم بالله، وأقوامهم بحقه وحق عباده، سيد ولد آدم عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لما بعثه الله بدأ بالنهي عن أعظم أدواء المجتمع، وهو الشرك بالله سبحانه وتعالى، فلم يزل من حين بعثته يحذر الأمة من الشرك، ويدعوهم إلى التوحيد إلى أن مضى عليه عشر سنين، ثم أمر بالصلاة ثم ببقية التشريع، وهكذا الدعاة بعده، عليهم أن يسلكوا سبيله، وأن يقتفوا أثره بادئين بالأهم فالمهم"١.


١ نقلًا عن كتاب: "نحو دعوة إسلامية رشيدة" لمؤلفه: د. محمد عبد القادر هنادي "ص١٩٥" من مقال لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في الدعوة "ص٧١، ٧٢".

<<  <   >  >>