ينخر في جسم الأمة كالسوس في الخشب، أو كالسرطان في الجسم، فمثل هذا الذي يدعي الإصلاح ويدعي العمل لصالح الدعوة، وهو في الواقع مفسد ومخرب أقول: يجب على الأمة أن توقفه عند حده، ولا يسمح له بنشر سمومه وأفكاره المنحرفة في المجتمع إلا أن يعرف الحق، ويتوب إلى الله سبحانه وتعالى ويعلن توبته من الأخطاء التي وقع فيها، أما إن أخذته العزة بالإثم وتكبر على الحق، فيجب أن يؤدب بما يستحق من ولي الأمر أو من ينيبه من القضاة والأمراء، والولاة والسلاطين فإن عليهم مسئولية إيقاف مثل هؤلاء المخربين لعقائد الناس، ومذاهبهم نحمد الله سبحانه وتعالى أن هذا الصنف من الناس قليل فضلا عن الدعاة ففيهم أقل، ثم اعلم أيها الداعية أن مدار الأعمال على النية، فأخلص النية لله وحاول أن تكون علاقتك بالكتب والمكتبات وثيقة، بل يفضل أن تجعل لك وقتا مخصصًا للقراءة يوميا، حاول تدوين١ بعض النقاط الهامة، والعبارات البليغة وغير ذلك مما قد تحتاج إليه فيما بعد، فيسهل الرجوع إليه والاستفادة منه.
قال الشاعر:
العلم صيد والكتابة قيده ... قيد صيودك بالحبال الواثقة
فمن الغباوة أن تصيد غزالة ... وتتركها بين الخلائق ضائعة
"ومما يدعو إلى العجب ويثير الدهشة ما صدر من علماء السلف في موضوع العناية بالكتاب والكتابة، وكيفية النسخ والحث على
١ المراد بالتدوين: أي كتابة ملخص قصير عن الكتابة ومحتواه إما في ورقة ملصقة في الكتاب، أو على إحدى صفحات الكتاب الخالية.