دينارين تجدهما عند رأسك، إذا أصبحت أخذتهما، فأنفقت على نفسك وعيالك، وتصدقت على إخوانك، فيكون ذلك أنفع لك وللمسلمين من قطع هذه الشجرة التي يغرس مكانها، ولا يغير عبادها قطعها شيئًا، ولا ينفع إخوانك المؤمنين قطعك إياها.
فتفكر العابد قليلًا فيما قال ... ثم قال:
صدق الشيخ، وتعاهدا وحلف إبليس على الوفاء، ورجع العابد إلى صومعته، فبات فلما أصبح رأي دينارين عند رأسه، فأخذهما وكذلك في الغد مثل ذلك، ثم أصبح في اليوم الثالث وما بعده ولم يجد شيئًا، فغضب وأخذ فأسه على عاتقه ومضى إلى الشجرة يريد قطعها، فاستقبله إبليس في صورة شيخ، فقال له: إلى أين؟
قال: أقطع تلك الشجرة.
فقال كذبت؟ والله ما أنت بقادر على ذلك ولا سبيل لك إليها. فتناوله العابد ليفعل به كما فعل أول مرة، فقال: وما هي إلا لحظات حتى أخذه إبليس وصرعه، فإذا هو كالعصفور بين رجليه وقعد إبليس على صدره، وقال:
لتنتهين عن هذا الأمر أو لأذبحنك. فنظر العابد، فإذا لا طاقة له به.
فقال: يا هذا. غلبتني فخل عني.. وأخبرني كيف غلبتك أولا وغلبتني الآن؟
فقال: لأنك غضبت أول مرة لله، وكانت نيتك الآخرة فغلبتني بقوة الله، وهذه المرة غضبت لنفسك وللدينار.. فصرعتك١.