للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه جبذة حتى رأيت صفح، أو صفحة عنق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته فقال: "يا محمد أعطني من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك، ثم أمر له بعطاء"١.

وفي الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: استأذن رهط من اليهود على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: السام عليك، فقلت: بل عليكم السام واللعنة، فقال يا عائشة: "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله" قلت: أولم تسمع ما قالوا: قال: "قلت وعليكم" ٢ وفي رواية لمسلم: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه". وقال -صلى الله عليه وسلم-: "يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه" ٣، وقصة الأعرابي الذي بال في المسجد مشهورة معروفة ظهر فيها الرفق، وحسن المعاملة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم. وقد جاء أحد رجال الدعوة إلى جزار -وهو الذي يبيع اللحم- وقال له: صل يا حمار، فرد عليه الجزار: الحمار لا يصلي، وأخذ الساطورة يريد ضربه بها، لكنه هرب. وتأسف على عمله، وعرف أنه مخطئ، فتنكر وغير ثيابه، وأتى إليه مرة أخرى، وقال: السلام عليكم فرد عليه السلام -وهو يفور غضبًا ويتميز غيظًا- فقال الداعية: هداك الله أما سمعت الأذان؟ هيا نصلي. فرد عليه بعد أن هدأت أعصابه قائلًا:


١ رواه الإمام أحمد، ترقيم إحياء التراث: "١٢١٣٩"، ورواه البخاري، كتاب فرض الخمس: "٣١٤٩".
٢ صحيح الإمام البخاري كتاب استتابة المرتدين: "٦٤١٥".
٣ صحيح الإمام مسلم، كتاب البر والصلة والآداب: رقم "٤٦٩٧".

<<  <   >  >>