للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: مدح رجل رجلًا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ويحك قطعت عنق صاحبك مرارا، إذا كان أحدكم مادحًا صاحبه لا محالة فليقل: "أحسب فلانا والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدًا" ١، فلا تستكبر على أحد وتغتر بعلمك ومنزلتك عند الله، حتى حين ترى الفاسق فتستعلي عليه، وتعامله بأسلوب المتسلط المستكبر المستعلي. عن جندب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدث أن رجلًا قال: والله لا يغفر الله لفلان، وأن الله تعالى قال: "من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان؟ فإني قد غفرت له وأحبطت عملك" ٢. واعلم أن العمل قد لا يقبل إذا عظم في عينك قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} ٣، ولهذا قال بعض السلف: "لو أعلم أن الله قبل مني تسبيحة لتمنيت أن أموت الآن"، والمستكبر المعبج بعمله صاحب نفسية متعاظمة لا يكاد يثني على أحد أو يذكره بالخير، وإن احتاج إلى ذلك شفعه ببعض عيوبه، فهيهات أن ينصاع أو يلين، وما ذاك إلا لمركب النقص في نفسه، ولهذا كان من كمال الإنسان أن يقبل النقد، والملاحظة بدون حساسية أو انزعاج أو شعور بالخجل والضعف، ها هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يحمل الراية ويحمل شعار: "رحم الله امرءًا أهدى إلينا عيوبنا"، فعليك أخي الداعية أن تحمل هم الدعوة، وأن يكون شعارك الإخلاص، وأن تبعد عن نفسك حب المدح والإطراء، وعلى الداعية إلى الله أن


١ صحيح البخاري، كتاب الأدب باب ما يكره من التمادح.
٢ رواه مسلم كتاب البر والصلة والآداب: "٢٦٢١".
٣ سورة المائدة، من الآية: ٢٧.

<<  <   >  >>