للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من لا يشكر الناس، وهذه الخصال الحميدة تجعل الداعية قريب من الناس محبوب في المجتمع، مقبول في دعوته، إن المكافأة أو الهدية ابتداءً لها وقع في النفس. ومن أهدى لك شيئًا فكافئه فإن لم تجد فادع له عن ابن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من استعاذ بالله بأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن أتى إليكم معروفًا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه، فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه ومن استجاركم فأجيروه" ١ أيها الدعاة إلى الله تعالى أنتم أصحاب النفوس العالية، والهمم الرفيعة تحيون المعروف بين الناس، فلا تدعون محسنا إلا كافأتموه، ولا مسيئا إلا وجهتموه، وأرشدتموه إلى فعل الخير، وفي تقديري أن الداعية إلى الله إذا تدبر الآيات القرآنية، وأمعن النظر في الحاديث النبوية في ذم البخل والشح، والترف والإسراف، فإنه يربأ بنفسه أن يكون شحيحًا بخيلًا، بل ينهج في حياته المعيشية نهج الإسلام في دعوته إلى الوسطية والاعتدال، بل ينهج في بذله، وإنفاقه وأخذه وعطائه منهج الأسخياء الأتفياء الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله، وفي سبيل مصالح الدعوة الإسلامية، ذلك؛ لأن السخي قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس. قال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الترمذي، عن أبي هريرة -رضي الله عنه: "السخي قريب من الله قريب من الجنة، قريب من الناس، بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله، بعيد من الجنة، بعيد من الناس، قريب من النار" ٢ إن الداعية، وهو وارث أخلاق النبوة حري به أن يتخذ البذل والعطاء خلقا له، والكرم والسخاء من سجاياه من غير إسراف ولا تبذير، ومن غير شح ولا تقتير.


١ مسند الإمام أحمد، باب المكثرين من الصحابة: "٥٧٠٩".
٢ سنن الترمذي، كتاب البر والصلة: "١٩٦١".

<<  <   >  >>