للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشديد على الكفار يتراحم مع المؤمنين، واللائق بالمؤمن العزيز على الكفار، أن يتعامل بالذل مع المؤمنين {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} ١، وقد كان عمر الفاروق -رضي الله عنه- يدرب ولاته على الذلة للرعية، وينهاهم عن إذلال الناس، كما يعلم الناس أن يعيشوا كرامًا، ومما جاء في خطبة له: "ألا إني والله ما أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم، فمن فعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إلي، فوالذي نفسي بيده إذا لأقصنه منه.. ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم"٢.

وفي خلق التواضع الاعتراف بالخطأ، والرجوع عنه عندما يتضح لك ذلك، ويعبر عن ذلك ابن القيم: "من أساء إليك ثم جاءك يعتذر عن إساءته، فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته -حقًّا كانت أم باطلًا- وتكل سريرته إلى الله تعالى، وعلامة الكرم التواضع: أنك إذا رأيت الخلل في عذره لا توقفه عليه ولا تحاجه"٣.

وليس من خلق التواضع إذلال الناس، فمن أذلك عباد الله، فقد أعلن الحرب على الله قال: في الحديث القدسي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال الله عز وجل: "من أذل لي وليًّا فقد استحل محاربتي، وما تقرب إلي عبدي بمثل الفرائض، وما يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه إن سألني أعطيته، وإن دعاني أجبته ... " الحديث٤ إن الداعية


١ سورة الحجر: من الآية ٨٨.
٢ مسند الإمام أحمد.
٣ تهذيب مدارج السالكين.
٤ مسند الإمام أحمد باقي مسند الأنصار "٢٥٦٦١".

<<  <   >  >>