للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو يتصدر قيادة الناس وتوجييهم، وكسب قلوبهم لا بد أن يتمتع بقدر كبير من التواضع، ولذلك أمر الله تعالى نبيه بقوله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} فإذا أردت أن تكسب أنصارًا لدعوتك، ومتبعين لمنهج الحق، فعليك بالتواضع، واحذر العجب والكبر. يقول الفضيل بن عياض: "تواضع المؤمن بأن يخضع للحق، وينقاد له، ويقبله ممن قاله"، وهذا الخضوع للحق هو عين التواضع والعز؛ لأنه طاعة لله ورجوع إلى الصواب، وتعويد للنفس أن لا تصبر على باطل؛ عن أبي هريرة -رضي الله عنه، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما نقصت صدقة مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله" ١، ما أكثر هذه الخصال في الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وما أقلها في وقتنا الحاضر الذي نشأ فيه التعصب المقيت للأشخاص وللمذاهب والطرق، وهذا ناتج عن ضعف الإيمان بما تحويه هذه الكلمة من معان كثيرة، ومن الصفات الملازمة للداعية القناعة بما في يده، ولا تنال قناعة إلا بمجاهدة النفس مع توفيق من الله، وقد ثبت في الحديث الصحيح عن حكيم بن حزام أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله" ٢، والزهد فيما في أيد الناس يحبب المرء إليهم، وفي وصية موجزة، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم: "من يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله، ومن يصبر يصبر الله.." الحديث٣، ومن أسباب القناعة، أن ينظر المرء


١ أخرجه الإمام مسلم، كتاب البر والصلة والآداب: "٢٥٨٨".
٢ صحيح الإمام البخاري، كتاب الزكاة: "١٤٢٨".
٣ صحيح الإمام مسلم، كتاب الزكاة: "١٠٥٣".

<<  <   >  >>