للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله"، قالوا: بلى يا رسول الله قال: "فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك فأقول: سحقًا سحقًا" ١. وفي رواية أخرى يقال له: "والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم".

فاحذر أن تكون من هذا الصنف فتحرم خيري الدنيا والآخرة، لكن الداعية إلى الله وهو على طريق البناء، والإصلاح قد يصاب بشيء من الضعف البشري، فيتعرض لمرض من أمراض القلب، أو آفة من آفات النفس أو نزغة من نزغات الشيطان، فيزل بعد نهوض، أو يضل بعد هدى أو يرائي بعد إخلاص، أو يغضب بعد حلم، أو يفتر بعد عزيمة، أو يبخل بعد كرم، أو يتشاءم بعد تفاؤل، أو يسكت بعد جرأة، أو يجبن بعد شجاعة، أو يعجز بعد صبر، أو يتعاظم بعد تواضع، فإذا أصيب الداعية -لا سمح الله- بهذه الآفات أو ببعضها، ولم يسارع إلى التخلص منها ومعالجتها، فإنه أشد ما يخشى عليه أن تزل قدمه بعد ثبوتها، أو أن يتساقط على طريق الدعوة، أو أن ينحرف عن جادة الإسلام وهو يحسب أنه يحسن صنعًا؟؟ إن الثبات على المبدأ مظهر بارز للاستقامة؛ لأن المذبذب المتقلب لا يقدر على الثبات، ولا يقوى على الاستقامة، والقول الجامع للثبات: هو عندما سئل -صلى الله عليه وسلم- عن حقيقة الإسلام قال: "إيمان وثبات". وعندما سئل أيضًا قل ليس في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك قال: "قل آمنت بالله ثم استقم" ٢.


١ صحيح الإمام مسلم، الطهارة: "٣/ ٣٦٧".
٢ مسند الإمام أحمد، مسند المكيين: "١٤٩٩٠".

<<  <   >  >>