للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فردّها هونا هونا حتّى جاءت واستناخت وشدّ عليها رحلها واستوى عليها، وإنّي لو تركتكم حيث قال الرّجل ما قال فقتلتموه دخل النّار» .

(فردّها هونا هونا) هو اسم صوت لدعاء الناقة (حتّى جاءت) فيه مقدّر؛ أي: فدنت منه لتأكل ما بيده من الحشيش، فأمسكها وردّها حتّى أتى بها محلّه،

(واستناخت) أي: بركت ومكثت عنده؛ من ناخ الجمل ونوّخه إذا برّكه.

(وشدّ عليها رحلها) أي: ربط عليها قتبها، فالرّحل للإبل كالسّرج للفرس.

(واستوى عليها) أي: على ظهرها، أي: ركبها. يقال: استوى على الدابّة إذا علا على ظهرها وركبها، (وإنّي لو تركتكم حيث قال الرّجل ما قال) أي: لو لم أكفّكم وأمنعكم عنه حين قال لي الرّجل مقالته السيّئة (فقتلتموه دخل النّار» ؛) عقوبة له بإساءته على النبي صلّى الله عليه وسلم.

وشبّه المال لخسّة الدّنيا عنده بالقمامة، وشبّه نفسه بالرّجل، وشبّه الأعرابيّ بدابّة شاردة عن ربّها، وشبّه الصحابة لما غضبوا وقاموا له بالناس التابعين لها الذين نفّروها عن ربّها، وشبّه قوله «كفّوا عنه» بقوله «خلّوا بيني وبينها» .

وفي قوله «فإنّي أرفق بها منكم» بيان لأنّه أعظمهم رفقا وأقواهم شفقة على خلق الله تعالى، وهو تشبية في أعلى طبقات البلاغة لتضمّنه هذه المعاني اللطيفة.

قيل: ويحتمل أنّ الرجل إنّما قال أوّلا ما قال ليطّلع على حلمه صلّى الله عليه وسلم، لأنه سمع صفاته من أهل الكتاب والنبي صلّى الله عليه وسلم علم بذلك.

وقيل: إنّ جزمه بدخول النّار لكفره بما قاله للنبي صلّى الله عليه وسلم. والنبيّ تلطّف به حتّى آمن ونجا من النار. فتأمل!!

وهذا الحديث رواه البزّار، وأبو الشيخ بسند ضعيف؛ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وابن حبّان في «صحيحه» ، وابن الجوزي في «الوفا» عنه.

ومما يناسب المقام ويلائم المرام: ما روي عن خوّات بن جبير من الصحابة

<<  <  ج: ص:  >  >>