للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: كنت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعليه برد غليظ الحاشية، فجذبه أعرابيّ بردائه جبذة شديدة حتّى أثّرت حاشية البرد على صفحة عاتقه، ...

الكرام أنّه قال: نزلت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمرّ الظهران فإذا نسوة يتحدّثن، فأعجبنني، فأخرجت حلّة من عيبتي فلبستها؛ وجلست إليهنّ، فمرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم فهبته. فقلت: يا رسول الله؛ جمل لي شرود وأنا أبتغي له قيدا!! فمضى وتبعته، فألقى عليّ رداءه ودخل الأراك؛ فقضى حاجته وتوضّأ، ثمّ جاء؛ فقال:

«يا أبا عبد الله؛ ما فعل شراد جملك؟» . ثمّ ارتحلنا، فجعل كلّما لحقني؛ قال: «السّلام عليك يا أبا عبد الله؛ ما فعل شراد جملك» . فتعجّلت المدينة وتركت مجالسته والمسجد، فطال ذلك عليّ فتحيّنت خلوّ المسجد، ثمّ دخلت فطفقت أصلّي. فخرج من بعض حجره فصلّى ركعتين خفّفهما وطوّلت؛ رجاء أن يذهب عنّي. فقال: «طوّل يا أبا عبد الله ما شئت؛ فلست ببارح حتّى تنصرف» .

فقلت: والله؛ لأعتذرنّ إليه. فانصرفت، فقال: «السّلام عليك يا أبا عبد الله؛ ما فعل شراد الجمل» . فقلت: والذي بعثك بالحقّ؛ ما شرد ذلك الجمل منذ أسلمت!! فقال: «رحمك الله» «مرّتين» ، أو «ثلاثا» ثم لم يعد.

(و) أخرج أبو داود والبيهقيّ؛ (عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه) - وأخرجه الشيخان أيضا؛ عن أنس، وقد تقدّم- (قال: كنت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلم وعليه برد غليظ الحاشية) البرد والبردة: كساء أسود مربّع، أو شملة مخطّطة، والحاشية، جانب الثوب.

(فجذبه) - بتقديم الذال المعجمة على الموحّدة- وفي رواية: فجبذه- بتقديم الموحّدة- وهما لغتان صحيحتان (أعرابيّ) لم يسمّ (بردائه) ، هذا يقتضي أنّه كان عليه برد ورداء فوقه؛ وإن الجذب وقع بهما (جبذة شديدة) أي: دفعة عنيفة (حتّى أثّرت) - بتشديد المثلاثة؛ مبنيّ للفاعل- أي: أظهرت أثرا وعلامة (حاشية البرد على صفحة عاتقه) الصفحة: الجانب؛ أو العرض. والعاتق: ما بين العنق

<<  <  ج: ص:  >  >>