فكان صلّى الله عليه وسلم لشدّة حيائه لا يكشف عورته عند أحد قطّ، كما ورد:«من كرامتي على الله أنّه لم يطلع لي على عورة أحد قطّ» ، فإنّ عائشة رضي الله تعالى عنها زوجته؛ وأقرب الناس وأحبّهم إليه، وكان يضاجعها وينام عندها، فإذا لم تر ذلك منه صلّى الله عليه وسلم لزم عدم كشفه عندها، فإذا لم يكشف عندها؛ فبالطريق الأولى عند غيرها.
وقد أخرج البزّار؛ عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يغتسل من وراء الحجرات، وما رأى أحد عورته قطّ. وإسناده حسن.
وروى ابن الجوزيّ؛ عن أمّ سلمة رضي الله تعالى عنها: كان إذا أتى امرأة من نسائه غمّض عينيه وقنّع رأسه، وقال للّتي تحته:«عليك بالسّكينة والوقار» .
وروى أبو صالح؛ عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما قال:
قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: ما أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أحدا من نسائه إلّا مقنّعا، يرخي الثوب على رأسه!! وما رأيته من رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولا رآه مني!! أورده ابن الجوزي في كتاب «الوفا» ؛ نقلا عن الخطيب.
خاتمة: أخرج ابن جرير، وأبو نعيم، وغيرهما؛ عن العبّاس قال:
لما بنت قريش البيت افترقت رجلين ... رجلين ... لنقل الحجارة، فكنت أنا وابن أخي نحمل على رقابنا وأزرنا تحت الحجارة، فإذا غشينا النّاس اتّزرنا، فبينما أنا أمشي ومحمّد صلّى الله عليه وسلم قدّامي خرّ، فانبطح على وجهه! فجئت؛ فألفيته ينظر إلى السماء!! فقلت: ما شأنك!! فأخذ إزاره، وقال:«نهيت أن أمشي عريانا!!» فقال: اكتمها مخافة أن يقولوا مجنون.
وأخرج أبو نعيم؛ عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما قال: كان أبو طالب يعالج زمزم؛ وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم ينقل الحجارة وهو غلام، فأخذ إزاره واتقى به.
فقيل لأبي طالب الحق ابنك؛ فقد غشي عليه، فلما أفاق من غشيته سأله