للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا مزاح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

فقد كان صلّى الله عليه وسلّم يمزح مع النّساء والصّبيان وغيرهم،

أبو طالب؛ فقال: «أتاني آت عليه ثياب بيض» ؛ فقال لي استتر.

قال ابن عبّاس: فكان أوّل شيء رآه من النبوة أن قيل له «استتر» . فما رؤيت عورته من يومئذ. انتهى؛ من «شرح الخفاجي على الشفا» وشروح «الشمائل» :

المناوي؛ وعلي قاري؛ والباجوري رحمهم الله تعالى. آمين.

(وأمّا مزاح رسول الله صلّى الله عليه وسلم! فقد) ورد بيانه في الأحاديث الآتية، ففي «كشف الغمّة» للعارف الشعراني رحمه الله تعالى:

(كان صلّى الله عليه وسلم يمزح) أحيانا (مع النّساء) ؛ تلطّفا بهنّ، (والصّبيان) ؛ تأنيسا لهم، (و) مع (غيرهم) من أصحابه بالقول والفعل؛ جبرا لقلوبهم وتأنيسا لهم، لأن الناس مأمورون بالتأسّي به والاقتداء بهديه، فلو ترك الطلاقة والبشاشة ولزم العبوس؛ لأخذ الناس أنفسهم بذلك! على ما في مخالفة الغريزة من المشقّة والعنا!! فمزح ليمزحوا؛ قاله ابن قتيبة.

وقال الخطّابي: سئل بعض السلف عن مزاحه صلّى الله عليه وسلم؛ فقال: كانت له مهابة، فلذا كان ينبسط للناس بالدّعابة، وهو مع ذلك سرّه في الملكوت يجول حيث أراد الله تعالى به.

ولا يخالف هذا قوله صلّى الله عليه وسلم: «لست من دد ولا الدّد منّي» أخرجه البخاريّ في «الأدب المفرد» ، والبيهقيّ عن أنس رضي الله عنه، والطبرانيّ في «الكبير» ؛ عن معاوية رضي الله عنه.

ودد- بفتح الدال الأولى؛ وكسر الثانية- أي: لست من أهل اللهو واللّعب، ولا هما منّي. ومعنى تنكير الدّد في الأول: الشياع والاستغراق، وألايبقى شيء منه إلّا وهو منزّه عنه؛ أي: ما أنا في شيء من اللهو واللعب، وتعريفه في الجملة الثانية!! لأنّه صار معهودا بالذكر، كأنّه قال: ولا ذلك النوع، وإنما لم يقل

<<  <  ج: ص:  >  >>