جاءت إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقالت له: إنّ لي إليك حاجة، فقال:«اجلسي في أيّ طرق المدينة شئت أجلس إليك» .
وعند البخاريّ: امرأة من الأنصار. وفي رواية: ومعها صبيّ.
قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمها! وفي بعض «الحواشي» أنّها أم زفر ماشطة خديجة أمّ المؤمنين. ونوزع فيه، وتردّد البرهان الحلبي في «المقتضى» في أنّها هي أو غيرها؟!! وجزم غيره بأنها هي، لكن نوزع!!.
(جاءت إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلم؛ فقالت له: إنّ لي إليك حاجة) ؛ أي: أريد أن أخفيها عن غيرك؛ قاله القاري.
(فقال) رسول الله صلّى الله عليه وسلم (: «اجلسي» ) - بصيغة المخاطبة-؛ من أمر الحاضر (في أيّ) طريق من (طرق المدينة) المنوّرة (شئت) ، أي: في أيّ سكّة من سككها وقيل: المعنى في أيّ جزء من أجزاء طريق المدينة، وليس المراد أيّ طريق يوصل إلى المدينة؛ وإن كان طريق الشيء: ما يوصل إليه!!
(أجلس) ؛ بالجزم جواب الأمر (إليك» ) أي: معك ف «إلى» بمعنى «عند» ، وزاد في رواية مسلم، «حتّى أقضي حاجتك» . قال أنس: فجلست، فجلس النبي صلّى الله عليه وسلم إليها حتّى فرغت من حاجتها؛ تواضعا منه صلّى الله عليه وسلم، وملاطفة لسعة حلمه، وبراءته من الكبر.
قال بعضهم: وفيه إيماء وإرشاد إلى أنّه لا يخلو أجنبيّ مع أجنبية، بل إذا عرضت حاجة يكون معها بموضع لا يتطرّق فيه تهمة، ولا يظن به ريبة؛ ككونه بطريق المارّة، وأنّه ينبغي للحاكم المبادرة إلى تحصيل أغراض ذوي الحاجات، ولا يتساهل في ذلك.
وفيه حلّ الجلوس في الطريق لحاجة.
ومحلّ النهي عنه!! إذا لزم عليه الإيذاء للمارّة.
وقد أخرج أبو نعيم في «الدلائل» ؛ عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: