وهي- لغة-: الإخلاص والتّصفية. وشرعا-: إخلاص الرّأي من الغشّ للمنصوح، وإيثار مصلحته، ومن ثمّ كانت هذه الكلمة مع وجازة لفظها كلمة جامعة؛ معناها: حيازة الخير للمنصوح له.
وليس في كلام العرب أجمع منها، ومن كلمة الفلاح لخيري الدنيا والآخرة.
ودلت هذه الجملة على أنّ النّصيحة تسمّى «دينا» و «إسلاما» وعلى أنّ الدّين يقع على العمل كما يقع على القول.
قال ابن بطّال: والنّصيحة فرض يجزئ فيه من قام به ويسقط عن الباقين.
قال:
والنّصيحة واجبة على قدر الطّاقة؛ إذا علم الناصح أنّه يقبل نصحه ويطاع أمره، وأمن على نفسه المكروه، فإن خشي أذى! فهو في سعة. والله تعالى أعلم.
فإن قيل: ففي «صحيح البخاري» : أنّه صلى الله عليه وسلّم قال: «إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له» . وهو يدلّ على تعليق الوجوب بالاستنصاح؛ لا مطلقا. ومفهوم الشّرط حجّة في تخصيص عموم المنطوق!؟
فجوابه: أنّه يمكن حمل ذلك على الأمور الدّنيويّة؛ كنكاح امرأة ومعاملة رجل ... ونحو ذلك. والأوّل يحمل بعمومه في الأمور الدّينيّة الّتي هي واجبة على كلّ مسلم. والله أعلم.
وبقيّة الحديث: قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال:«لله ولكتابه ورسوله وأئمّة المسلمين وعامّتهم» . أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» ؛ من حديث تميم الدّاريّ مرفوعا.
ورواه البخاريّ في الترجمة معلّقا؛ فقال: باب قول النّبي صلى الله عليه وسلم: «الدّين النّصيحة لله ولرسوله ولأئمّة المسلمين وعامّتهم» .
وعزاه ابن حجر إلى مسلم، وأبي داود، وأحمد موصولا، وإلى البخاريّ.