وقال بعض الحكماء: انتقم من حرصك بالقناعة؛ كما تنتقم من عدوّك بالقصاص.
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم:«اللهمّ؛ قنّعني بما رزقتني وبارك لي فيه» .
ولو لم يكن في القناعة إلّا التّمتّع بالعزّ؛ لكفى صاحبه.
وسئل بعض الصّوفيّة عن مقام القناعة: هل يطلب من ربّه القناعة بما أعطاه الحقّ له من معرفته؛ كما يقنع بنظيره من القوت!؟ فأجاب بأنّ القناعة المطلوبة خاصة بأمور الدّنيا لئلّا يشتغل بكثرتها عن آخرته، لكونه مجبولا على الشحّ.
وأمّا القناعة من المعرفة بالقليل!! فمذمومة بنصّ آية وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (١١٤)[طه] ، أي: بك وبأسرار أحكامك، لا زيادة من التّكاليف؛ فإنّه كان يكره السّؤال في الأحكام، وأنشد يقول:
إنّ القناعة باب أنت داخله ... إن كنت ذاك الّذي يرجى لخدمته
فاقنع بما أعطت الأيّام من نعم ... من الطّبيعة لا تقنع بنعمته
لو كان عندك مال الخلق كلّهم ... لم يأكل الشّخص منه غير لقمته
وأنشد يقول:
لا تقنعنّ بشيء دونه أبدا ... واشره فإنّك مجبول على الشّره
واحرص على طلب العلياء تحظ بها ... فليس نائم ليل مثل منتبه
والحديث رواه الطّبراني في «الأوسط» ؛ عن جابر، بلفظ:«القناعة مال لا ينفد وكنز لا يفنى» . قال الذهبيّ: وإسناده واه.
١٦٨- ( «قيّد) ؛ ناقتك- وفي رواية: قيدّها- (وتوكّل» ) على الله، فإنّ التّقييد لا ينافي التّوكّل، إذ هو: اعتماد القلب على الرّبّ في كلّ عمل دينيّ أو دنيويّ، فالتّقييد لا يضادّه؛ كما أن الكسب لا يناقضه.