للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٢- «كن في الدّنيا كأنّك غريب، ...

وأخرجه ابن جميع في «معجمه» ، والقضاعي؛ عن أبي بكرة بلفظ: «يولّى عليكم» بدون شكّ، وفي سنده مجاهيل.

ورواه الطّبراني بمعناه؛ عن الحسن أنّه سمع رجلا يدعو على الحجّاج، فقال له: لا تفعل، إنّكم من أنفسكم أتيتم؛ إنّا نخاف إن عزل الحجّاج أو مات أن يتولّى عليكم القردة والخنازير، فقد روي: «إنّ أعمالكم عمّالكم، وكما تكونوا يولّى عليكم» .

وقال «النجم» : روى ابن أبي شيبة، عن منصور بن أبي الأسود قال: سألت الأعمش عن قوله تعالى وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً [١٢٩/ الأنعام] . ما سمعتهم يقولون فيه؟ قال: سمعتهم يقولون: إذا فسد النّاس أمّر عليهم شرارهم.

وروى البيهقي؛ عن كعب قال: إنّ لكل زمان ملكا، يبعثه الله على نحو قلوب أهله، فإذا أراد صلاحهم؛ بعث عليهم مصلحا، وإذا أراد هلاكهم؛ بعث عليهم مترفيهم.

وله عن الحسن: أنّ بني إسرائيل سألوا موسى عليه الصّلاة والسّلام: سل لنا ربّك يبيّن لنا علم رضاه عنا، وعلم سخطه، فسأله، فقال: أنبئهم أنّ رضائي عنهم أن أستعمل عليهم خيارهم، وأنّ سخطي عليهم أن أستعمل عليهم شرارهم. انتهى ملخصا.

١٨٢- ( «كن في الدّنيا كأنّك غريب) ؛ أي: عش بباطنك عيش الغريب عن وطنه بخروجك عن أوطان عاداتها ومألوفاتها؛ بالزّهد في الدّنيا، والتّزوّد منها للآخرة، فإنّها الوطن؛ أي: إنّ الدّار الآخرة هي دار القرار، كما أنّ الغريب حيث حلّ نازع لوطنه، ومهما نال من الطّرف أعدّها لوطنه، وكلما قرب مرحلة سرّه، وإن تعوّق ساعة ساءه، فلا يتّخذ في سفره المساكن والأصدقاء، بل يجتزئ بالقليل قدر ما يقطع به مسافة عبوره؛ لأنّ الإنسان إنّما وجد ليمتحن بالطّاعة؛ فيثاب، أو بالإثم؛ فيعاقب لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [٧/ هود] ، فهو كعبد أرسله سيّده في

<<  <  ج: ص:  >  >>