للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ [آل عمران: ١٩١] .

رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ ...

وقوله «باطلا» ، حال من المفعول به، وهو هذا، وهو الأحسن في إعرابه، وهي حال لا يستغنى عنها، إذ لو حذفت للزم نفي الخلق؛ وهو لا يصحّ، كما في قوله تعالى وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (٣٨) [الدخان] .

(سُبْحانَكَ) ؛ تنزيها لك عن الوصف بخلق الباطل؛ (فَقِنا عَذابَ النَّارِ) ؛ تعليم لعباده كيفية الدّعاء، فمن أراد أن يدعو فليقدّم الثّناء على الله أوّلا، ويدلّ عليه قوله سُبْحانَكَ، وبعد ذلك الثّناء يأتي بالدّعاء، ويدلّ عليه قوله فَقِنا عَذابَ النَّارِ.

* (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً) ؛ أي: داعيا، وهو على حذف مضاف؛ أي:

نداء مناد (يُنادِي) : يدعو النّاس (لِلْإِيمانِ) .

قال ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما، وأكثر المفسّرين: المنادي هو محمّد صلى الله عليه وسلم.

ويدلّ على صحّة هذا قوله تعالى ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ [١٢٥/ النحل] .

وقوله وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ [٤٦/ الأحزاب] .

وقال محمد بن كعب القرظي: المنادي هو القرآن؛ قال: إذ ليس كلّ أحد لقي النّبيّ صلى الله عليه وسلم.

ووجه هذا القول: أنّ كلّ أحد يسمع القرآن ويفهمه، فإذا وفّقه الله تعالى للإيمان به فقد فاز به، وذلك لأنّ القرآن مشتمل على الرّشد والهدى وأنواع الدّلائل الدّالة على الوحدانيّة؛ فصار كالدّاعي إليها، فعلى القول الأوّل: إسناد النّداء إليه حقيقيّ، وعلى القول الثّاني: إسناد النّداء إليه مجازي، واللّام في لِلْإِيمانِ بمعنى «إلى» ؛ يعني: ينادي إلى الإيمان.

(أَنْ) ؛ أي: بأن آمِنُوا بِرَبِّكُمْ) ؛ أي: صدّقوا بأنّه يجب له كل

<<  <  ج: ص:  >  >>