رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ [الأنبياء: ٨٩] .
رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ ...
فاعف عنّي؛ كما هي سيرة القادرين، وهو اعتراف بالذّنب، وإظهار للتّوبة.
وهذا دعاء عظيم جدّا لاشتماله على التّهليل أوّلا، ثمّ التّسبيح ثانيا، ثمّ الإقرار بالذّنب ثالثا، ولذا ورد في فضل ذلك ما أخرجه الإمام أحمد، والتّرمذي، والنّسائي، والحكيم التّرمذي؛ في «نوادر الأصول» ، والحاكم وصحّحه، وابن جرير، والبيهقي في «الشّعب» ، وجماعة؛ عن سعد بن أبي وقّاص؛ عن النّبي صلى الله عليه وسلم، قال:
«دعوة ذي النّون إذ هو في بطن الحوت: لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين؛ لم يدع بها مسلم ربّه في شيء قطّ إلّا استجاب له» .
وأخرج ابن أبي حاتم؛ عن الحسن: أنّ ذلك اسم الله تعالى الأعظم.
وأخرج ذلك الحاكم؛ عن سعد مرفوعا.
وقد شاهدت أثر الدّعاء به- ولله تعالى الحمد- حين أمرني بذلك من أظنّ ولايته من الغرباء المجاورين في حضرة الباز الأشهب، وكان قد أصابني من البلاء ما الله تعالى أعلم به؛ قاله الألوسي في «روح المعاني» .
* وقال تعالى في سورة الأنبياء أيضا (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً) : وحيدا بلا ولد يرثني (وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) ، أي: وأنت خير حيّ يبقى بعد ميّت، وفيه مدح له تعالى بالبقاء، وإشارة إلى فناء من سواه من الأحياء؛ وفي ذلك استمطار لسحائب لطفه عزّ وجلّ.
* وقال تعالى في آخر سورة الأنبياء (رَبِّ) أيّها المحسن إليّ؛ (احْكُمْ) : اقض بيني وبين أعدائي (بِالْحَقِّ) : بالعدل، والله سبحانه وتعالى يحكم بالحقّ طلب أو لم يطلب، ومعنى الطّلب: ظهور الرّغبة من الطّالب في حكمه الحقّ.