للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغالب من أحواله صلّى الله عليه وسلّم التّبسّم.

الغالب من أحواله صلّى الله عليه وسلم التّبسّم) ؛ كما جاء في صفة ضحكه «جلّ ضحكه التبسم» وقد تقدّم، والاقتداء به إنّما يكون فيما هو أغلب أحواله.

قال العلقمي: قال العلامة محمد بن يوسف الدمشقي: قال أبو الحسن بن الضّحّاك: صحّت الأخبار وتظاهرت بضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلم في غير موطن حتّى تبدو نواجذه. وثبت عنه صلّى الله عليه وسلم أنّه كان لا يضحك إلّا تبسّما.

ويمكن الجمع بينهما بأن يقال: إن التبسّم كان الأغلب عليه، ويمكن أن يكون الناقل عنه «أنّه كان لا يضحك إلّا تبسّما» ، لم يشاهد من النبي صلّى الله عليه وسلم غير ما أخبر به، ويكون من روى عنه «أنه ضحك حتى بدت نواجذه» قد شاهد ذلك في وقت ما؛ فنقل ما شاهده، فلا اختلاف بينهما لاختلاف المواطن والأوقات، ويمكن أن يكون في ابتداء أمره كان يضحك حتّى تبدو نواجذه في الأوقات النادرة، وكان آخر أمره لا يضحك إلّا تبسّما، وقد وردت عنه صلّى الله عليه وسلم أحاديث تدلّ على ذلك، ويمكن أن يكون من روى عنه أنّه كان لا يضحك إلّا تبسّما شاهد ضحكه حتّى بدت نواجذه نادرا؛ فأخبر عن الأكثر وغلّبه على القليل النادر.

على أن أهل اللغة قد اختلفوا في النواجذ ما هي؟

فقال جماعة: إنّ النواجذ أقصى الأضراس من الفم موضعا، فعلى هذا تتحقّق المعارضة، ويمكن الجمع بين الأحاديث بما قلنا.

ومنهم من قال: إنّ النواجذ هي الأنياب. وقال آخرون: هي الضواحك، فعلى هذين لا يكون في ظاهر الأخبار معارضة، لأنّ المتبسّم يلزمه ذلك.

قال في «النهاية» : النواجذ- بكسر الجيم وبالذال المعجمة- وهي من الأسنان الضواحك، وهي التي تبدو عند الضحك؛ والأكثر الأشهر أنّها أقصى الأسنان، والمراد الأول، لأنّه ما كان يبلغ به الضحك حتّى تبدو أضراسه، كيف وقد تقدّم أنّ جلّ ضحكه التبسّم!؟ وإن أريد بها الأضراس! فالوجه فيه أن يراد به مبالغة مثله في

<<  <  ج: ص:  >  >>