فلا يمنعه صيام يومه، ولو شاء.. سأل ربّه جميع كنوز الأرض وثمارها، ورغد عيشها، ولقد كنت أبكي رحمة له ممّا أرى به وأمسح بيدي على بطنه ممّا به من الجوع، وأقول: نفسي لك الفداء؛ ...
(فلا يمنعه) أي: جوعه (صيام يومه) ؛ أي: الذي فيه، ولو كان نفلا، أو صيام يوم عادته في مستقبله. وهذا بيان بعض شدّة حاله.
(ولو شاء) صلى الله عليه وسلم الغنى، وما يترتب عليه من التنعّم وحصول المنى.
و «شاء» كثيرا ما يحذف مفعولها بعد «لو» لدلالة جوابها عليه.
(سأل ربّه جميع كنوز الأرض) ؛ لا سيما وقد عرضها عليه مولاه (وثمارها) يجوز نصبه عطفا على «جميع» ، وجرّه عطفا على «كنوز» ، ومثله ما بعده، والثّمار جمع ثمرة، وهي ما يحصل من الأشجار ونحوها؛ وقد يراد به كلّ ما يستفاد من غيره؛ كما يقال ثمرة العلم العمل.
(ورغد) - بفتحتين؛ وقد يسكن ثانيه-، وأصل معنى الرغد: الواسع، يقال: أرغد فلان إذا أصاب رغدا؛ أي: سعة وخصبا وغيره.
(عيشها) أي: سعة معيشتها وطيب منفعتها.
(ولقد كنت أبكي رحمة له ممّا أرى به) ، أي: ممّا أشاهده به، أو ممّا أعلمه به، (وأمسح بيدي على بطنه) كأنه بمسحه يستريح بذلك، كما كان يضع الحجر عليه ليبرّده، ويشدّ صلبه؛
وهذا للشفقة (ممّا به من الجوع) ، أي: من ألمه.
ثم بينت أنّ ذلك شفقة؛ بقولها:(وأقول: نفسي لك الفداء) . الفداء- بالكسر والفتح؛ والقصر والمد-: هو ما يفدى به الأسير ونحوه، فيجعل عوضا عنه، ويقال: أفديه بنفسي، وبأمي، وبأبي، وبمالي، وقد يقال: بنفسي؛ من