للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل ممّا يليك» .

وبهذا لا يرد أنّ دعاءه عليه الصلاة والسلام المقصود به الزّجر؛ لا الحقيقي.

وقد زاد الحافظ تقوية للوجوب قوله: وأخرج الطّبراني ومحمد بن الرّبيع الجيزي بسند حسن؛ عن عقبة بن عامر أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلم رأى سبيعة الأسلميّة تأكل بشمالها؛ فقال صلّى الله عليه وسلم: «أخذها داء غزّة» ! فقيل: إنّ بها قرحة، فقال: «وإن» ! فمرّت بغزّة فأصابها الطّاعون فماتت.

وثبت النهي عن الأكل بالشّمال، وأنّه من عمل الشّيطان، من حديث ابن عمر وجابر عند مسلم. ولأحمد بسند حسن؛ عن عائشة رضي الله تعالى عنها رفعته:

«من أكل بشماله أكل معه الشّيطان» . وهو على ظاهره.

وورد: «إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وليشرب بيمينه، وليأخذ بيمينه وليعط بيمينه، فإنّ الشّيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ويعطي بشماله ويأخذ بشماله» رواه الحسن بن سفيان في «مسنده» ؛ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.

والظّاهر أنّه نهي عن التّشبّه، فيفيد الاستحباب، وحديث سبيعة حمله الجمهور على الزّجر والسّياسة؛ قاله ملّا علي قاري في «جمع الوسائل» .

قال المناوي: واليمين: مشتقّة من اليمن، كما ذمّ أهل النّار بنسبتهم إلى الشّمال، فقال وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩٠) [الواقعة] .

فاليمين وما نسب إليها محمود ممدوح؛ لسانا وشرعا ودنيا وآخرة، وإذا كان كذلك فمن الآداب المناسبة لمكارم الأخلاق اختصاص اليمين بالأعمال الشّريفة، وإن احتيج في شيء منها إلى الاستعانة بالشّمال! يكون بحكم التّبعيّة؛ وأمّا إزالة الأقذار ومباشرة الأعمال الخسيسة فبالشّمال.

(وكل ممّا يليك» ) ؛ لأنّ الأكل من موضع يد صاحبه سوء عشرة وترك مودّة؛ لنفور النّفس منه، لا سيّما في الأمراق، ولما فيه من إظهار الحرص والنّهم وسوء الأدب وأشباهها.

<<  <  ج: ص:  >  >>