للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

والأمر فيه للنّدب على الأصحّ، وقيل: للوجوب؛ لما فيه من إلحاق الضّرر بالغير، ومزيد الشّره. ونصّ عليه الشّافعي في «الرّسالة» ومواضع من «الأمّ» .

وانتصر له السّبكي- رحمه الله تعالى-! قال ولده العلّامة تاج الدّين السّبكيّ: جمع والدي نظائر هذه المسألة في كتاب له سماه: «كشف اللّبس عن المسائل الخمس» : ١- الأكل مما يلي، و ٢- من رأس الثّريد، و ٣- التعريس على قارعة الطّريق؛ و ٤- اشتمال الصّمّاء؛ و ٥- القران بين تمرتين أكلا؛ ونصر القول بأنّ الأمر فيها للوجوب. انتهى. لكنه اختيار له، والمعتمد خلافه.

وفي «مختصر البويطي» : يحرم الأكل من رأس الثّريد، والقران في التّمر؛ والأصحّ أنّهما مكروهان، ومحلّ الخلاف إن لم يعلم رضا صاحبه، وإلّا! فلا حرمة ولا كراهة، فقد ورد أنّه صلّى الله عليه وسلم كان يتتبّع الدّباء من حوالي القصعة!!

والجواب بأنّه أكل وحده مردود بأنّ أنسا كان يأكل معه، على أنّه لو سلّم لا يجدي، لأنّ الأكل مما يلي الآكل سنّة؛ وإن كان وحده، كما اقتضاه إطلاق الشّافعيّة.

وقيل: الأولى حمل التتبّع المذكور على أنّه من يمينه وشماله بعد فراغ ما بين يديه، ولم يكن أحد في جانبيه صلّى الله عليه وسلم. والأوّل أولى، والله أعلم

على أنّ محلّ النّهي حيث كان الطّعام نوعا واحدا؛ وإلّا! كالثّريد والدّباء واللّحم، فيتعدى الأكل إلى غير ما يليه، ومحلّه أيضا في غير نحو الفاكهة، أمّا هي! فله أن يجيل يده فيها؛ كما في «الإحياء» .

ويشهد له ما جاء عند ابن ماجه رحمه الله تعالى؛ (عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنّه صلّى الله عليه وسلم كان إذا أتي بطعام أكل ممّا يليه، وإذا أتي بالتّمر جالت يده فيه) .

وأورد في «الإحياء» أنّه صلّى الله عليه وسلم قال: «كل ممّا يليك» وكان يدور على الفاكهة.

فقيل له في ذلك! فقال: «ليس هو نوعا واحدا» . انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>