فقال: عندي ماء بات في شنّ، فانطلق إلى العريش فسكب في قدح ماء، ثمّ حلب عليه من داجن [له] ؛ فشرب عليه الصّلاة والسّلام.
الكاف والرّاء؛ وتكسر- أي: شربنا من غير إناء ولا كفّ؛ بل بالفم.
(فقال: عندي ماء بات في شنّ) ، قال الجوهري: الشّن والشّنة: القربة الخلق، وقال الدّاودي: هي الّتي زال شعرها من البلى.
(فانطلق) - بفتحات- أي: النّبيّ صلّى الله عليه وسلم وصاحبه مع الرّجل بطلبه (إلى العريش) الموضع المسقف من البستان بالأغصان، وأكثر ما يكون في الكروم؛ وعليه عشب وثمام- وفي رواية للبخاري: فانطلق بكسر اللّام وإسكان القاف فانطلق بهما- (فسكب) أي: الرّجل (في قدح ماء، ثمّ حلب عليه) لبنا (من داجن [له] ) - بجيم ونون-: شاة تألف البيوت، كما سيأتي للمصنف.
(فشرب عليه الصّلاة والسّلام) ، ثمّ شرب الرّجل الذي جاء معه.
وفي رواية أحمد: وشرب النّبيّ صلّى الله عليه وسلم وسقى صاحبه، قال الحافظ ابن حجر:
وظاهره أنّه شرب فضلة النّبيّ صلّى الله عليه وسلم. لكن في رواية لأحمد أيضا وابن ماجه: ثمّ سقاه، ثمّ صنع لصاحبه مثل ذلك، أي: حلب له أيضا، وسكب عليه من الماء البائت؛ هذا هو الظّاهر، ويحتمل أنّ المثليّة في مطلق الشّراب. انتهى.
وعورض هذا الحديث بما أخرجه ابن ماجه؛ عن ابن عمر: مررنا على بركة، فجعلنا نكرع فيها، فقال صلّى الله عليه وسلم:«لا تكرعوا، ولكن اغسلوا أيديكم ثمّ اشربوا بها..» الحديث. وفي سنده ضعف، فإن كان محفوظا!! فالنّهي فيه للتّنزيه.
وقوله: وإلّا كرعنا!! لبيان الجواز، أو كان قبل النّهي، أو النّهي في غير حال الضّرورة، وهذا الفعل كان لضرورة شرب الماء الّذي ليس ببارد، فشرب بالكرع لضرورة العطش؛ لئلّا تكرهه نفسه إذا تكررت الجرع، فقد لا يبلغ الغرض من الرّي. أشار إلى هذا الأخير ابن بطّال.
وإنّما قيل للشّرب بالفم كرع!! لأنّه فعل البهائم لشربها بأفواهها، والغالب أنّها