للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كُلُّ حديثٍ لَمْ يَجتمعْ (١) فيهِ صفاتُ الحديثِ الصحيحِ، ولا صفاتُ الحديثِ الحسَنِ - المذكوراتُ فيما تقدَّمَ - فهو حديثٌ ضعيفٌ (٢). وأطنبَ أبو حاتِمِ بنِ حِبَّانَ البُسْتِيُّ في تقسيمِهِ، فبلغَ بهِ خمسينَ قسماً إلاَّ واحداً (٣)، وما ذكرتُهُ ضابطٌ جامعٌ لجميعِ ذلكَ.

وسبيلُ مَنْ أرادَ البَسْطَ (٤) أنْ يَعْمَدَ إلى صفةٍ مُعَيَّنةٍ منها؛ فيجعلَ ما عُدِمَتْ فيهِ مِنْ غيرِ أنْ يَخلُفَها جابرٌ -على حسبِ ما تقرَّرَ في نوعِ الحسَنِ-: قسماً واحداً، ثُمَّ ما عُدِمَتْ فيهِ تلكَ الصفةُ معَ صفةٍ أخرى معيَّنةٍ: قسماً ثانياً، ثمَّ ما عُدِمَتْ فيهِ معَ صفتينِ معيَّنَتَيْنِ: قسماً ثالثاً، ... ، وهكذا إلى أن يستوفيَ (٥) الصفاتِ المذكوراتِ جُمَعَ (٦)، ثُمَّ يَعودَ ويُعيِّنَ مِنَ الابتداءِ صفةً غيرَ التي عيَّنها أوَّلاً، ويجعلَ ما عُدِمَتْ فيهِ وَحْدَها قِسْماً، ثُمَّ القسمَ الآخرَ ما عُدِمَتْ فيهِ مَعَ عدمِ صفةٍ أخرى، ولتكنِ الصفةُ الأخرى غيرَ الصفةِ الأولى المبدوءِ بها؛ لكونِ ذلكَ سبَقَ في أقسامِ عدمِ الصفةِ الأولى، وهكذا هَلُمَّ جَرّاً (٧) إلى آخرِ الصفاتِ.


(١) في (أ) و (م): ((تجتمع)).
(٢) للعلماء مباحثات ومناقشات حول هذا التعريف، انظرها في: نكت الزركشي ١/ ٣٨٩، والتقييد والإيضاح: ٦٣، ونكت ابن حجر ١/ ٤٩١، والبحر الذي زخر ٣/ ١٢٨٣.
(٣) قال ابن حجر في نكته ١/ ٤٩٢: ((لم أقف على كلام ابن حبان في ذلك)).
وقال الزركشي في نكته ١/ ٣٩١: ((أي: في أول كتابه في الضعفاء)).
قال ابن حجر مستدركاً على الزركشي في مقالته هذه ومشيراً إلى عدم إصابته: ((لم يصب في ذلك، فإن الذي قسمه ابن حبان في مقدمة كتاب الضعفاء له تقسيم الأسباب الموجبة لتضعيف الرواة، لا تقسيم الحديث الضعيف، ثُمَّ إنه أبلغ الأسباب المذكورة عشرين قسماً لا تسعة وأربعين، والحاصل أن الموضع الذي ذكر ابن حبان فيه ذلك ما عرفنا مظنته، والله الموفق)).
(٤) قلنا: قد أطال في بسطها العراقي في شرح التبصرة ١/ ٢١٧، والبقاعي في النكت الوفية ٩٠ / أ.
(٥) في (أ): ((تستوفي)).
(٦) في (ب): ((جميعاً))، وفي إحدى نسخ (ع): ((جمعاء)). وانظر: تاج العروس ٢٠/ ٤٥٩.
(٧) هذا تعبير يقال لاستدامة الأمر واتِّصاله. يقال: كان عاماً أوَّل كذا وكذا وهَلُمَّ جَرّاً.
وانظر في تفصيل اشتقاق هذا التعبير وانتصاب ((جرّاً)): الزاهر ١/ ٤٧٦، ولسان العرب ٤/ ١٣١، ونكت الزركشي ١/ ٣٩٢، ونكت ابن حجر ١/ ٥٠٣، وتاج العروس ١٥/ ٤١٢، والمعجم الوسيط ١/ ١١٦.

<<  <   >  >>