للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذهِ عُيُونٌ مِنْ آدابِ المحدِّثِ اجْتَزَأنا بها مُعرضينَ عَنِ التَّطويلِ بما ليسَ مِنْ مهمَّاتِها أو هوَ ظاهِرٌ ليسَ مِنْ مشْتَبهاتِها، واللهُ الموفِّقُ (١)، وهوَ أعلمُ.

النَّوْعُ الثَّامِنُ والعِشْرُونَ

مَعْرِفَةُ آدَابِ طَالِبِ الحدِيْثِ (٢)

وقَدِ انْدَرَجَ طَرَفٌ منهُ في ضِمْنِ ما تَقَدَّمَ.

فأوَّلُ ما عليهِ: تحقيقُ الإخْلاَصِ، والحَذَرُ مِنْ أنْ يَتَّخِذَهُ وُصْلَةً إلى شيءٍ مِنَ الأغراضِ الدُّنيويَّةِ. رُوِّيْنا عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ - رضي الله عنه - أنَّهُ قالَ: ((مَنْ طَلَبَ الحديثَ لغيرِ اللهِ مُكِرَ بهِ)) (٣)، وروِّيْنا عَنْ سُفْيانَ الثَّورِيِّ - رضي الله عنه - قالَ (٤): ((ما أعلمُ عَمَلاً هُوَ أفضلُ مِنْ طَلَبِ الحديثِ لِمَنْ أرادَ اللهَ بهِ)) (٥). ورُوِّيْنا نحْوَهُ عِنِ ابنِ المبارَكِ - رضي الله عنه - ومِنْ أقربِ الوجوهِ في إصلاحِ النِّيَّةِ فيهِ ما رُوِّيْنا عَنْ أبي عَمْرٍو إسْماعِيلَ بنِ نُجَيْدٍ أنَّهُ سَأَلَ أبا جَعفَرٍ أحمدَ بنِ حَمْدانَ، وكانا عَبْدَيْنِ صالِحَيْنِ، فقالَ لهُ: ((بأيِّ نِيَّةٍ أكْتُبُ الحديثَ؟ فقالَ: ألَسْتُمْ تَرْوونَ (٦) أنَّ عِنْدَ ذِكْرِ الصالِحِينَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ؟ قالَ: نَعَمْ. قالَ: فرسُول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسُ الصَّالِحينَ)).


(١) بعد هذا في (ع): ((المعين))، ولم ترد في النسخ ولا (م).
(٢) انظر في ذلك:
الإلماع: ٤٥ وما بعدها، والإرشاد ١/ ٥٢١ ٥٢٨، والتقريب: ١٤٦ - ١٤٩، والاقتراح: ٢٨٠ - ٢٨٤، والمنهل الروي: ١٠٨، واختصار علوم الحديث: ١٥٧ - ١٥٨، والشذا الفياح: ١/ ٤٠٠ - ٤١٨، والمقنع ١/ ٤٠٧ - ٤١٨، وشرح التبصرة ٢/ ٣٣٢، ونزهة النظر: ٢٠٤، وفتح المغيث ٢/ ٣١١ - ٣٤٦، والتدريب ٢/ ١٤٠ - ١٥٨، وفتح الباقي ٢/ ٢٢٣، وقواعد التحديث: ٢٣٣ - ٢٣٦.
(٣) أخرجه أبو نعيم في الحلية ٦/ ٢٥١، وابن عبد البر في الجامع ١/ ١٩١، والخطيب في الجامع (١٩).
(٤) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ١/ ٥٩، والخطيب في الجامع (١٤)، وفي شرف أصحاب الحديث: ٨١ بمعناه.
(٥) انظر: نكت الزركشي ٣/ ٦٦١ - ٦٦٣.
(٦) في الشذا والتقييد: ((ترون أنَّ عِنْدَ)).

<<  <   >  >>