للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسَنَذكُرُ - إنْ شَاءَ اللهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى - قَوْلَ مَنْ أجَازَ الروايةَ بِمُجَرَّدِ إعْلاَمِ الشَّيْخِ الطالِبَ أنَّ هذا الكِتَابَ سَمَاعُهُ مِنْ فُلاَنٍ. وهَذا يَزِيْدُ عَلَى ذَلِكَ ويَتَرَجَّحُ بِمَا فيهِ مِنَ المناوَلَةِ، فإنَّها لاَ تَخْلُو مِنْ إشْعَارٍ بالإذْنِ في الروايَةِ، واللهُ أعلمُ.

القَوْلُ في عِبَارَةِ الرَّاوِي بِطَرِيْقِ الْمُنَاوَلَةِ والإجَازَةِ

حُكِيَ عَنْ قَومٍ مِنَ المتَقَدِّمينَ ومَنْ بَعْدَهُمْ أنَّهُمْ جَوَّزُوا إطْلاَقَ (١): ((حَدَّثَنَا وأخْبَرَنَا)) في الروايةِ بالمناولةِ، وحُكِيَ ذَلكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ ومالكٍ وغَيرِهِما (٢)، وهوَ لاَئِقٌ بِمَذْهَبِ جَميعِ مَنْ سَبَقَتِ الحِكَايةُ عَنْهُمْ أنَّهُمْ جَعَلُوا عَرْضَ المناولةِ المقرونَةِ بالإجازَةِ سَمَاعاً. وحُكِيَ (٣) أيضاً عَنْ قَومٍ مِثْلُ ذلكَ في الروايةِ بالإجازَةِ، وكانَ الحافِظُ أبو نُعَيْمٍ الأصْبهانِيُّ (٤) - صَاحِبُ التَّصانيفِ الكَثِيرةِ (٥) في عِلْمِ الحدِيْثِ - يُطْلِقُ ((أخْبَرَنَا)) فيمَا يَرْوِيْهِ بالإجازَةِ (٦). رُوِّيْنا عنهُ أنَّهُ قَالَ: أنَا إذا قُلْتُ: ((حَدَّثَنَا)) فَهُوَ سَمَاعِي، وإذا


(١) نَكَّتَ عليه الزركشي٣/ ٥٣٩ فقال: ((قضيته جوازه مقيداً بلا خِلاف، لكن حكى ابن الحاجب- (المختصر ٢/ ٦٩ - ٧٠) في مختصره قولاً أنه لا يجوز مقيداً أيضاً)). وانظر: شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ١٧٠ - ١٧٢.
(٢) المحدّث الفاصل: ٤٣٥، والرواية عن الزهري أسندها الخطيب في الكفاية: (٤٧٠ ت، ٣٢٩ هـ)، والرواية عن مالك أسندها الخطيب أيضاً في الكفاية: (٤٧٥ - ٤٧٦ ت، ٣٣٢ - ٣٣٣ هـ).
(٣) في (م): ((ويحكى)).
(٤) قال الزركشي في نكته ٣/ ٥٤٠ - ٥٤١: ((من أجل هذا أدخل ابن الجوزي في الضعفاء أبا نعيم وحكى عن أبي بكر الخطيب - فيما حكاه ابن طاهر - رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها، مثل أن يقول في الإجازة: ((أخبرنا)) من غير أن يبيّنه)).
قلنا: ما قاله الخطيب فيه غلوٌّ وإسرافٌ، وقد ناقشه الذهبي في السِّيَر١٧/ ٤٦١فَقَالَ: ((هذا شيء قلَّ أن يفعله أبو نُعَيْم، وكثيراً ما يقول: كتب إليَّ الْخُلْدِيُّ. ويقول: كتب إليَّ أبو العبَّاس الأصم، وأخبرنا أبو الميمون بن راشد في كتابه، ولكني رأيته يقول في شيخه عبد الله بن جعفر بن فارس الذي سمع منه كثراً وهو أكبر شيخ له: أخبرنا عبد الله بن جعفر فيما قرئ عليه فيوهم أنه سمعه، ويكون مما هو له بالإجازة، ثم إطلاق الإخبار على ما هو بالإجازة مذهب معروف قد غلب استعماله على محدثي الأندلس وتوسعوا فيه، وإذا أطلق ذلك أبو نعيم في مثل الأصم وأبي الميمون البجلي والشيوخ الذين قد علم أنه ما سمع منهم بل منهم إجازة، كان له سائغاً، والأحوط تجنّبُهُ فبطل ما تخيَّله الخطيب، وتوهمه، وما أبو نعيم بمُتَّهم بل هو صدوق عالم بهذا الفن)).
(٥) في (أ): ((الكبيرة)).
(٦) انظر: سير أعلام النبلاء ١٧/ ٤١٦، تذكرة الحفاظ ٣/ ١٠٩٦، ميزان الاعتدال ١/ ١١١، وطبقات السبكي ٤/ ٢٤، والوافي بالوفيات ٧/ ٨٣.

<<  <   >  >>