للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَفْرِيْعَاتٌ

أحدُها: قولُ الصَّحابيِّ: ((كُنَّا نَفْعَلُ كذا أو كنَّا نقولُ كذا)) (١) إنْ لَمْ يُضِفْهُ إلى زمانِ رسولِ اللهِ (٢) - صلى الله عليه وسلم - فهوَ مِنْ قبيلِ الموقوفِ، وإنْ أضافَهُ إلى زمانِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فالذي قَطَعَ بهِ أبو عبدِ اللهِ بنُ البَيِّعِ (٣) الحافظُ وغيرُهُ مِنْ أهلِ الحديثِ وغيرِهِم أنَّ ذلكَ مِنْ قبيلِ المرفوعِ (٤).

وبَلَغَني عَنْ أبي بكرٍ البَرْقانيِّ أنَّهُ سألَ أبا بكرٍ الإسماعيليَّ الإمامَ عنْ ذلكَ فأنكرَ كونَهُ مِنَ المرفوعِ. والأوَّلُ هوَ الذي عَليْهِ (٥) الاعتمادُ؛ لأنَّ ظاهرَ ذلكَ مُشْعِرٌ بأنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - اطَّلَعَ على ذلكَ وقرَّرَهُم عليهِ، وتقريرُهُ أحدُ وجوهِ السُّنَنِ المرفوعةِ؛ فإنَّها أنواعٌ منها: أقوالُهُ - صلى الله عليه وسلم -، ومنها: أفعالُهُ (٦)، ومنها: تقريرُهُ وسكوتُهُ عنِ الإنكارِ بعدَ اطِّلاعِهِ. ومِنْ


(١) قال الزركشي ١/ ٤٢١ - ٤٢٣: ((حاصله: حكاية قولين: الوقف مطلقاً، والتفصيل بأن تضيفه إلى زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - أو لا، وأهمل مذاهب:
أحدها: أنه مرفوع مطلقاً، وبه قال الحاكم ورجّحه من الأصوليين الإمام الرازي. وقال ابن الصباغ في العدة: إنه الظاهر، ومثّله بقول عائشة: ((كانت اليد لا تقطع في الشيء التافه)) وحكاه النووي في شرحه على البخاري والوسيط عن ظاهر كلام كثير من المحدّثين والفقهاء، وقال: وهو قوي، فإن ظاهره أنه فعله على وجه يحتج به، ولا يكون إلا برفعه.
والثاني: التفصيل بين أن يكون ذلك الفعل مما لا يخفى غالباً فمرفوع، وإلاّ فموقوف، وبه قطع الشيخ أبو إسحاق وغيره، حكاه النووي في أوائل شرح مسلم. وقال غيره: أما إذا كان في القصة اطِّلاعه - صلى الله عليه وسلم - فلا شكَّ في رفعه، كقول ابن عمر: ((كنا نقول ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيٌّ: أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر وعثمان ويسمع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا ينكره)). رواه الطبراني في المعجم الكبير، وأصله في الصحيح.
والثالث: إن ذكره الصحابي في معرض الحجة، حمل على الرفع، وإلاّ فعلى الوقف، حكاه القرطبي في أصوله)). وانظر: التقييد والإيضاح ٦٦، ونكت ابن حجر ٢/ ٥١٥.
(٢) في (ب): ((النبي)).
(٣) بفتح الباء وكسر الياء المشددة، بعدها عين مهملة. ويقال له أيضاً: ابن البَيَّاع، وهذه اللفظة تقال لمن يتولى البياعة والتوسط في الخانات بين البائع والمشتري من التجار للأمتعة. انظر: الأنساب ١/ ٤٤٨، ووفيات الأعيان ٤/ ٢٨١، وسير أعلام النبلاء ١٧/ ١٦٣، والتاج ٢٥/ ٣٦٨.
(٤) انظر: معرفة علوم الحديث ٢٢.
(٥) عبارة: ((الذي عليه)) ليست في (م).
(٦) قوله: ((ومنها أفعاله)) ساقطة من (م).

<<  <   >  >>