للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّوعُ الرَّابِعَ عَشَرَ

مَعْرِفَةُ الْمُنْكَرِ مِنَ الْحَدِيْثِ (١)

بَلَغَنا عَنْ أبي بكرٍ أحمدَ بنِ هارونَ البِرْديجيِّ الحافِظِ أنَّهُ: الحديثُ الذي ينفردُ بهِ الرجلُ ولا يُعْرَفُ مَتْنُهُ مِنْ غيرِ روايتِهِ، لا مِنَ الوجهِ الذي رواهُ منهُ، ولا مِنْ وجهٍ آخرَ (٢). فأطلقَ البِرْديجيُّ ذلكَ ولَمْ يُفَصِّلْ.


(١) ((قد نوزع في إفراده بنوعٍ، وكلامهم يقتضي أنه: الحديث الذي انفرد به الراوي مخالفاً لِمَا رواهُ مَنْ هو أولى منه بالحفظ والإتقان، أو انفرد به من غير مخالفة لِمَا رواه أحد، لكن هذا التفرد نازل عن درجة الحافظ الضابط.
يعرف من ذلك أن المنكر من أقسام الشاذّ فلم يحتج لإفراده)). نكت الزركشي ٢/ ١٥٥.
وللدكتور حمزة المليباري في كتابه "نظرات جديدة في علوم الحديث": ٣١، رأي آخر في المنكر، فقال: ((وكذلك مصطلح ((المنكر))، فإنه عند المتأخرين ما رواه الضعيف مخالفاً للثقات، غير أن المتقدمين لم يتقيّدوا بذلك، وإنما عندهم كل حديث لم يعرف عن مصدره: ثقة كان راويه أم ضعيفاً، خالف غيره أم تفرد. وهناك في كتب العلل والضعفاء أمثلة كثيرة توضح ذلك، وقد ذكرت بعضها في كتابي
" الحديث المعلول: قواعد وضوابط " ص٦٦ - ص٧٧. فالمنكر في لغة المتقدمين أعمّ منه عند المتأخرين، وهو أقرب إلى معناه اللغوي، فإن المنكر لغة: نَكِرَ الأمرَ نكيراً وأنكره إنكاراً ونُكْراً، معناه: جهله. وجاء إطلاقه على هذا المعنى في مواضع من القرآن الكريم، كقوله تعالى: {وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوْسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُوْنَ} (يوسف: ٥٨)، وقوله تعالى: {يَعْرِفُوْنَ نِعْمَةَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُوْنَهَا} (النحل: ٨٣). وعلى هذا فإن المتأخرين خالفوا المتقدمين في مصطلح ((المنكر)) بتضييق ما وسعوا فيه)).
وانظر في المنكر:
الإرشاد ١/ ٢١٩، والتقريب: ٦٩، والاقتراح: ١٩٨، والمنهل الروي: ٥١، والخلاصة: ٧٠، والموقظة: ٤٢، واختصار علوم الحديث: ٥٨، والمقنع ١/ ١٧٩، وشرح التبصرة والتذكرة ١/ ٣٢٩، ونزهة النظر: ٩٨، والمختصر: ١٢٥، وفتح المغيث ١/ ١٩٠، وألفية السيوطي: ٣٩ وشرح السيوطي على ألفية العراقي: ١٧٩، وفتح الباقي ١/ ١٩٧، وتوضيح الأفكار ٢/ ٣، وظفر الأماني: ٣٥٦، وقواعد التحديث: ١٣١، والحديث المعلول قواعد وضوابط: ٦٦ - ٧٧.
(٢) ((هذا لا يظهر فيه فرق بينه وبين ما سبق في أحد نوعي الشاذ، ومن تأمل كلام الأقدمين من أهل الحديث وجدهم إنما يطلقون النكارة على الحديث الذي يخالف رواية الحفاظ المتقنين.
قال مسلم في مقدمة كتابه: ((وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم أو لم تكد توافقها)). انتهى. صحيح مسلم ١/ ٥.
وكتاب الحافظ أبي أحمد بن عدي أصل في معرفة المنكرات من الأحاديث)). نكت الزركشي٢/ ١٥٦ - ١٥٧.

<<  <   >  >>