للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَفْرِيْعَاتٌ

أحدُها: الإسنادُ المعنعنُ، وهو الذي يُقالُ فيه: ((فلانٌ عَنْ فلانٍ)) عَدَّهُ بعضُ الناسِ مِنْ قَبيلِ المرسَلِ والمنقطعِ حَتَّى يَبِيْنَ (١) اتِّصالُهُ بغيرِهِ. والصحيحُ والذي عليهِ العملُ: أنَّهُ مِنْ قَبيلِ الإسنادِ المتَّصِلِ (٢). وإلى هذا ذهبَ الجماهيرُ مِنَ أئمَّةِ الحديثِ وغيرِهِمْ، وأودَعَهُ المشترطونَ للصحيحِ في تصانيفِهِم فيهِ (٣) وقَبِلُوهُ، وكادَ (٤) أبو عمرَ بنُ عبدِ البرِّ الحافظُ يَدَّعِي إجماعَ أئمَّةِ الحديثِ على ذلكَ. وادَّعَى أبو عمرٍو الدانيُّ المقرِئُ الحافِظُ إجماعَ أهلِ النَّقلِ على ذلكَ (٥)، وهذا بشرطِ أنْ يكونَ الذينَ أُضيفَتِ العَنعنةُ


(١) في (ع) والتقييد والشذا: ((يتبين)).
(٢) قال الزركشي ٢/ ٢١: ((حاصله حكاية قولين فيه:
أحدهما: أنه من قبيل المرسل والمنقطع، وعبارة المازري في حكايته في شرح البرهان: ومِنَ الناس مَنْ لَمْ يرَ هذا تصريحاً بالمسند وتوقف فيه مخافة أن يكون مرسلاً.
والثاني: أنه متصل بشرطين: وجود المعاصرة، مع البراءة من التدليس)).
(٣) سقطت من (ب) و (جـ).
(٤) قال الزركشي ٢/ ٢٢: ((لا حاجة لقوله: ((كاد))، فقد ادَّعاه في أول كتابه التمهيد - ١/ ١٣ - وعبارته: ((أجمع أهل العلم على قبول الإسناد المعنعن بثلاثة شروط: عدالة المخبرين، ولقاء بعضهم بعضاً، وأن يكونوا براء من التدليس.
ولم يذكر ابن الصلاح الشرط الأول ظناً أنه يؤخذ من الثالث)). وانظر: التقييد: ٨٣.
قال ابن حجر ٢/ ٥٨٣: ((إنما عبّر هنا بقوله: ((كاد))؛ لأن ابن عبد البرّ إنما جزم بإجماعهم على قبوله، ولا يلزم منه إجماعهم على أنه من قبيل المتصل)).
(٥) قال الزركشي ٢/ ٢٣: ((ما نقله عن الداني وجدته في جزء له في علوم الحديث، فقال: ((وما كان من الأحاديث المعنعنة التي يقول فيها ناقلوها: ((عن)) ((عن)) فهي أيضاً مسندة بإجماع أهل النقل، إذا عرف أن الناقل أدرك المنقول عنه إدراكاً بيّناً)). وسبق الزركشي إلى هذا العزو ابن رشيد في السنن
الأبين: ٣٦. لكن البقاعي عزا هذا النقل إلى كتاب القراءات للداني. النكت الوفية ١٢٩ / ب.
قلنا: وسبق الجميع إلى نقل الإجماع على الاتصال، الحاكم في المعرفة: ٣٤، والخطيب في الكفاية:
(٤٢١ ت، ٢٩١ هـ‍)، فكان الأولى بابن الصلاح نقله عنهما فإنهما من أئمّة المحدّثين. وانظر: نكت الزركشي ٢/ ٢٤، ونكت ابن حجر ٢/ ٥٨٣.
ثمَّ إنَّ في النقل عن أبي عمرو الداني اضطراباً، فانظر ما كتبه محقّق شرح السيوطي على ألفية العراقي: ٦٧، وما علقناه على شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢٨٣.

<<  <   >  >>